عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: لا يقول ما شاء الله وشئت وهل يقول أنا بالله ثم بك
  
              

          ░8▒ (ص) بابٌ: لَا يَقُولُ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، وَهَلْ يَقُولُ: أَنَا بِاللهِ وَبِكَ؟.
          (ش) أي: هذا بابٌ مترجَمٌ بلفظ: لا يقول الشخص في كلامه: ما شاء الله وشئتَ، على صيغة المتكلِّم مِنَ الماضي، قال الكَرْمانيُّ: يعني: لا يجمع بينهما؛ يعني بين قوله: (ما شاء الله) وقوله: (وشئتَ) لجواز كلِّ واحدٍ منهما مفردًا، وقال غيره: لأنَّ الواو يَشرَك بين المعنيَينِ جميعًا، وليس هذا مِنَ الأدب، وقد رُوِيَ في ذلك عَن رسول الله صلعم قال: «لا يقولنَّ أحدكم: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل: ما شاء الله، ثُمَّ ما شاء فلان» وإِنَّما جاز دخول (ثُمَّ) مكان الواو؛ لأنَّ مشيئة الله متقدِّمة على مشيئة خلقه، قال ╡ : {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ}[الإنسان:30] فهذا مِنَ الأدب، وذكر عبد الرَّزَّاق عَن إبراهيم النَّخَعِيِّ: أنَّهُ كان لا يرى بأسًا أن يقول: ما شاء الله ثُمَّ شئت.
          قوله: (وَهَلْ يَقُولُ: أَنَا بِاللهِ وَبِكَ؟) ذكره بالاستفهام؛ لعدم ثبوت أحدِ الأمرين عنده؛ وهما: جواز القول بذلك وعدمه، ولكن روى عبد الرَّزَّاق عَن إبراهيم النَّخَعِيِّ أنَّهُ كان يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، حَتَّى يقول: ثُمَّ بك، والعلَّة في ذلك ما ذكرناه؛ وهو أنَّ بالواو يلزم الاشتراك، وبكلمة (ثُمَّ) لا يلزم؛ لأنَّ مشيئة الله متقدِّمة.