عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الثلاثة على الدابة
  
              

          ░99▒ (ص) باب الثَّلَاثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ.
          (ش) أي: هذا بابُ ركوب الأنفس الثلاثة على دابَّة واحدة؛ أي: في مشروعيَّته.
          فَإِنْ قُلْتَ: روى الطبرانيُّ في «الأوسط» عن جابرٍ: نهى رسول الله صلعم أن يركبَ ثلاثة على دابَّة، وأخرج الطَّبَريُّ عَن أبي سعيدٍ رفعه: «لا يركب الدابَّة فوق اثنين»، وأخرج ابن أبي شَيْبَةَ مِن مُرسَل زاذان: أنَّهُ رأى ثلاثة على بغلٍ، فقال: لينزل أحدكم، فإنَّ رسول الله صلعم لعَنَ الثالث، ومِن طريق أبي بُرَيدة عن أبيه نحوه، ومِن طريق المهاجر بن قُنفُذ أنَّهُ لعن فاعل ذلك، وقال: إنَّا قد نُهينا أن نركب الثلاثة على الدابَّة، وأخرج الطَّبَريُّ عن عليٍّ ☺ قال: إذا رأيتم / ثلاثةً على دابَّة؛ فارجموهم حَتَّى ينزل أحدهم.
          قُلْت: حديث جابرٍ ضعيف، وحديث أبي سعيدٍ في إسناده ليِّن، وحديث زاذان مرسلٌ لا يعارض المرفوع المتَّصل، وحديث أبي بُرَيدة غير مرفوع، وحديث المهاجر ضعيف، وحديث عليٍّ موقوف، ورُويَ ما يخالف ذلك، فأخرج الطَّبَريُّ بسندٍ جَيِّد عن ابن مسعودٍ قال: كانوا يوم بدرٍ ثلاثة على بعير، وأخرج الطبرانيُّ عن ابن أبي شَيْبَةَ مِن طريق الشعبيِّ عن ابن عمر قال: ما أُبالي أن أكونَ عاشِرَ عشرةٍ على دابَّة إذا أطاقت، وقد جمعوا بين مختلف الحديث في ذلك: أنَّ النهي محمولٌ على أنَّ الدابَّة إذا عَجَزت عَن ذلك؛ كالحمار، وأنَّ الجواز محمولٌ على أنَّ الدابَّة إذا أطاقت ذلك؛ كالناقة والبغلة.
          قُلْت: مختصر الجواب: أنَّ كلَّ ما جاء مِن أخبار النهي عَن ركوب الثلاثة مرتدفين لا يُقاوِم حديثَ الباب وأمثاله.