عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب السراويل
  
              

          ░14▒ (ص) باب السَّرَاوِيلِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ يُذكَر فيه السراويل، وقال الجَوْهَريُّ: السراويل معروفٌ، يُذكَّر ويُؤنَّث، والجمع: السَّراويلات، وقال سيبويه: «سراويل» واحدة، وهي أعجميَّة أُعْرِبَت، فأشبهت من كلامهم ما لا ينصرف في معرفةٍ ولا نكرةٍ، فهي مصروفةٌ في النكرة، ومِن النَّحْويين مَن لا يصرفه أيضًا في النَّكرة، ويزعم أنَّهُ جمع «سروال» و«سِروالة»، وقال شيخنا زين الدين ☼: روينا من حديث أبي هُرَيْرَة مرفوعًا: «أنَّ أَوَّل مَن لَبِسَ السَّراويل إبراهيمُ عليه الصَّلاة والسلام» رواه أَبُو نُعَيْم الأصبهانيُّ، وقيل: هذا هو السبب في كونه أَوَّل مَن يُكْسَى يوم القيامة؛ كما ثبت في «الصحيحين» من حديث ابن عَبَّاس، فلمَّا كان أَوَّل مَن اتَّخذ هذا النَّوعَ مِن اللِّباس الذي هو أستر للعورة من سائر الملابس؛ جُوزِيَ بأن يكون أَوَّل مَن يُكْسَى يومَ القيامة.
          وفيه: استحباب لُبْسِ الَّسراويل، وقد روى التِّرْمِذيُّ مِن حديث [سُويد بن قَيس قال: جَلَبْتُ أنا ومخرفةُ العَبْدِيُّ بَزًّا من هَجَرٍ، فجاءنا النَّبِيُّ صلعم فساومنا بسراويل... الحديث، ورواه أبو يَعْلَى في «مسنده» من حديث] أبي هُرَيْرَة مطوَّلًا.
          وفيه: إخباره صلعم عن نفسه أنَّهُ يلبس السَّراويل، وروى التِّرْمِذيُّ أيضًا من حديث ابن مسعودٍ ☺ عن النَّبِيِّ صلعم قال: «كان على موسى ◙ يومَ كلَّمَه ربُّه كساءُ صوفٍ، وكُمَّةٌ صوفٌ، وجُبَّةٌ صوف، وسراويلُ صوف، وكانت نعلاه من جِلْدِ حمارٍ ميِّتٍ»، و(الكُمَّة) القَلَنْسُوة الصَّغيرة.