عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب البرود والحبرة والشملة
  
              

          ░18▒ (ص) باب الْبُرُودِ وَالْحِبَرَةِ وَالشَّمْلَةِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ يُذكَر فيه البُرود، وهو جمع (بُرْدَة) بِضَمِّ الباء المُوَحَّدة وسكون الراء وبالدَّال المُهْمَلة، وهي كساءٌ أسودُ مربَّعٌ فيه صِغَرٌ تَلْبَسه الأعراب، وقال الداوديُّ: «البرود» كالأردية والمَيَازِر، وبعضها أفضل من بعض، وقال ابن بَطَّالٍ: النِّمَرة والبُردة سواءٌ.
          قوله: (وَالْحِبَرَةِ) بكسر الحاء المُهْمَلة وتخفيف الباء المُوَحَّدة المفتوحة، على وزن (عِنَبة) وهي البُرد اليماني، وقال الداوديُّ: هي الخضراء؛ لأنَّها لباسُ أهل الجنَّة، ولذلك يُستحبُّ في الكَفَن، وسُجِّي رسولُ الله صلعم بها والبياضُ خيرٌ منها، وفيه كُفِّنَ رسول الله صلعم ، وقيل: أحدُ أكفانه حِبَرَة، والأَوَّل أكثر، وقال الهرويُّ: هي المَوشيَّة المخطَّطة، وقال ابن بَطَّالٍ: «البرود» هي برود اليَمَن، تُصنع من قُطْنٍ، وهي الحَبَرات يُشتمل منها، وهي كانت أشرفَ الثِّياب عندهم، ألا ترى أنَّهُ صلعم سُجِّي بها حين تُوفِّي؟ ولو كان شيء أفضلَ مِن البُرود؛ لَسُجِّي به.
          قوله: (وَالشَّمْلَةِ) بفتح الشين المُعْجَمة وسكون الميم، وهي كساءٌ يُشتَمل بها؛ أي: يُلتحف بها، قاله الجَوْهَريُّ، وقال الداوديُّ: هي البُردة.
          (ص) وَقَالَ خَبَّابٌ: شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ صلعم وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ.
          (ش) (خَبَّابٌ) بفتح الخاء المُعْجَمة وبباءين موحَّدتين الأولى منهما مشدَّدة، ابن الأرَتِّ.
          قوله: (شَكَوْنَا) أي: عَن الكفَّار وإيذائهم لنا.
          قوله: (بُرْدَةً لَهُ) هكذا رواية الكُشْميهَنيِّ، وفي رواية غيره: <بردته> وهذا طرفٌ من حديثٍ موصولٍ، قد مضى في (المَبْعَث النبويِّ) في (باب ما لقي النَّبِيُّ صلعم وأصحابه بِمَكَّةَ) ومضى الكلام فيه هناك.