عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب خاتم الحديد
  
              

          ░49▒ (ص) بابُ خَاتَمِ الْحَدِيدِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ يُذكَر فيه الخاتمُ مِن حديدٍ، ولا يُفهَم مِن هذه الترجمة ولا مِن حديث الباب كيف الحكمُ في الخاتم مِنَ الحديد، واعتذر بعضهم عنه بأنَّه ليس فيه حديثٌ على شرطه؛ فلذلك لم يذكر فيه شيئًا.
          قُلْت: لمَّا كان الأمر كذلك لم يبقَ فائدةٌ في إيراده حديثَ الباب إلَّا التنبيه على اختلاف إسناده واختلاف بعض المتن، وأَمَّا الذي ورد في منع الخاتم الحديد:
          فمنه: ما رواه أصحاب السنن الأربعة مِن رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه: أنَّ رجلًا جاء إلى النَّبِيِّ صلعم وعليه خاتمٌ مِن شَبَه، فقال: «ما لي أجدُ منك ريح الأصنام؟» فطرحه، / [ثُمَّ جاء وعليه خاتمٌ مِن حديدٍ، فقال: «ما لي أرى عليك حليةَ أهلِ النار؟» فطرحه]، فقال: يا رسول الله؛ مِن أيِّ شيءٍ أتَّخذ؟ قال: «اتّخذه مِن وَرِقٍ، ولا تتمُّه مثقالًا» وفي سنده أبو طَيْبَة _بفتح الطاء المُهْمَلة وسكون الياء آخر الحروف بعدها باءٌ مُوَحَّدةٌ_ اسمه عبد الله بن مسلمٍ المَرْوَزِيُّ، قال أبو حاتمٍ الرازيُّ: يُكتَب حديثُه ولا يُحتجُّ به.
          قُلْت: أخرج ابن حِبَّان حديثه وصحَّحه.
          ومِن ذلك: ما رواه أحمد في «مسنده» مِن حديث عبد الله بن عَمْرو بن العاص: أنَّهُ لبس خاتمًا مِن ذهبٍ، فنظر إليه رسولُ الله صلعم كأنَّه كرهه، فطرحه، ثُمَّ لبس خاتمًا مِن حديدٍ، فقال: «هذا أخبثُ وأخبثُ» فطرحه، ثُمَّ لبس خاتمًا مِن وَرِقٍ فسكت عنه، وفي سنده عبد الله بن المؤمَّل، وهو ضعيفٌ.
          ومِن ذلك: ما رواه أحمد أيضًا مِن حديث عمَّار بن عمَّارٍ: أنَّ عُمَر بن الخَطَّاب ☺ قال: إنَّ رسول الله صلعم رأى في يد رجلٍ خاتمًا مِن ذهبٍ فقال: «ألقِ ذا» فتختَّمَ بخاتمٍ مِن حديدٍ، فقال: «ذا شرٌّ منه» فتختَّم مِن فضَّةٍ، فسكت، قال شيخنا: رواية عمَّار بن عمَّارٍ عن عمر مرسلةٌ.