عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان}
  
              

          ░19▒ (ص) باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّما اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}[آل عِمْرَان:155]
          (ش) أي: هذا بابٌ في ذكر قوله تَعَالَى: / ({إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ}) الآية، واتَّفق أهل العلم بالنقل على أَنَّ الْمُرَادَ بهذه الآية ما وقع في أُحُد، وقول مَن قال: (إِنَّهَا في يوم بَدْر) غيرُ صحيح؛ لِأَنَّهُ لم يولِّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يوم بَدْر.
          قوله: ({إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا}) أي: إنَّ الَّذِينَ فرُّوا منكم يا مَعشَرَ الْمُسْلِمِينَ.
          قوله: ({يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}) أي: جَمْع الْمُسْلِمِينَ وجَمْع الكفار.
          قوله: ({إِنَّما اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ}) أي: حملهم على الزَّلَل.
          قوله: ({بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا}) أي: ببعض ذنوبهم السالفة؛ وهو تركهم الْمُشْرِكِينَ.
          قوله: ({وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ}) أي: حلُم عليهم؛ إذ لم يعاجِلْهم بالعقوبة، وقيل: غفر لهم الخطيئة، ورُوِيَ أنَّهُ صلعم لمَّا رَجَع إلى الْمَدِينَة؛ قال لأصحابه: «هذه وقعةٌ تُشاعُ في العرب، فاطْلُبوهم حَتَّى يَسمَعوا أنَّا قد طَلَبْناهُم»، فخرجوا، فلم يُدرِكوا القومَ.
          قوله: ({إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}) أي: يغفرُ الذنوب، ويحلمُ على خلْقِه، ويُجاوِز عَنْهم.