عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب
  
              

          ░18▒ (ص) بابٌ.
          (ش) أي: هذا بابٌ، وقد مرَّ غيرَ مَرَّة أنَّ لفظة (باب) إذا ذُكِر مجرَّدًا عن الترجمة؛ يكون كالفَصْل لِما قبله، وههنا غيرُ مجرَّد؛ لِأَنَّهُ أضيف إلى قوله: {إِذْ هَمَّتْ}[آل عِمْرَان:122] فتكون الآية ترجمةً؛ فافهم.
          (ص) {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[آل عِمْرَان:122].
          (ش) ({إِذْ هَمَّتْ}) بدل مِن {إِذْ غَدَوْتَ}[آل عِمْرَان:121]، قال الزَّمَخْشَريُّ: أو عمل فِيهِ معنى سميع عليم، و(الطائفتان) حيَّان مِنَ الأنصار؛ بنو سَلِمة؛ بِفَتْحِ السِّين وَكَسْرِ اللامِ مِنَ الخزرج، وبنو حارثة مِنَ الأوس، وهما الجناحان، وقد ذكرنا أنَّ رَسُول اللهِ صلعم خرج يوم أُحُد في ألف، وقيل: في تسع مئة وَخَمْسِينَ، والْمُشْرِكُونَ في ثلاثة آلاف، ووعدهم الْفَتْح إِنْ صبروا، فانخذل عَبْد اللهِ بن أُبَيٍّ بثلث الناس، ثُمَّ هاتان الطائفتان همَّتا أن تَفْشلا؛ أَيْ: تَجبُنا وتتَخَلَّفا عن النَّبِيِّ صلعم ، ويذهبا مع عَبْد اللهِ بن أُبيٍّ، ولكنَّ اللَّه عصمهما فلم ينصرفوا، ومضوا مع النَّبِيِّ صلعم ، فذكَّرهم اللَّه تَعَالَى نعمته بعصمته فقال: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ}[آل عِمْرَان:122]، و(الْهَمُّ) تَعَلُّقُ الخاطر بما له قدر، و(الفَشَل) الجُبن والخَور، ولكن لم يكن همُّهما عزمًا؛ فلذَلِكَ قال الله: {وَاللهُ وَلِيُّهُمَا}: أي: ناصرهما، قال الزَّمَخْشَريُّ: اللَّه ناصرهما، ومتولِّي أمرهما، فما لهما يفشلان ولا يتوكلان على الله؟