الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب صلاة الضحى في السفر

          ░31▒ (بَابُ صَلَاةِ الضُّحَى فِي السَّفَرِ): أي: حكمها فيه، هل تُصلَّى فيه أم لا؟ يدلُّ للإثبات حديث أمِّ هانئٍ، وللنَّفي حديث ابن عُمر بن الخطَّاب، وبتقدير الحكم الشَّامل للإثبات والنَّفي اندفع قولُ ابن بطَّالٍ ومَن تبعه _كالكرمانيِّ_: حديث ابن عُمر ليس مِن هذا الباب، وإنَّما يصلح في باب مَن لم يصلِّ الضُّحى، قال: وأظنُّه من غلط النَّاسخ. انتهى، وظهر أنَّ الحديث يناسب التَّرجمة ولا إشكالَ فيهما حتَّى يحتاج إلى ما أجابوا به ممَّا فيه تعسُّفٌ لا يشفِي العليل، قاله العينيُّ.
          ثمَّ اعترض على جواب ((الفتح)) فقال: حتَّى قال بعضهم: يظهر لي أنَّ البخاريَّ أشار بالتَّرجمة إلى ما رواه أحمد بسنده عن أنسٍ قال: ((رأيت رسول الله صلعم صلَّى في السَّفر سبحةَ الضُّحى ثمان ركعاتٍ))، فأراد المصنِّف أنَّ تردُّد ابن عمر في كونه صلَّاها أو لا لا يقتضي ردَّ ما جزم به أنسٌ، بل يؤيِّده حديث أمِّ هانئٍ، وحديث أنسٍ المذكور صحَّحه ابن خزيمة والحاكم. انتهى كلام ((الفتح)).
          ثمَّ شنَّع العينيُّ عليه بما لا يليق، ولا يرد أكثره لمن يتأمَّله على التَّحقيق، فراجعه، ثمَّ أجاب العينيُّ أخذاً من كلام ابن رشيدٍ المذكور في ((الفتح)) فراجعه فقال: يمكن أن يوجَّه بالاستئناس بين التَّرجمة وحديثي الباب وذكر ما ذكرناه عنه، ولم يُجِبْ عن اعتراضه في ((الانتقاض))، فتأمَّله منصفاً.