الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر

          ░23▒ (بَابُ الضِّجْعَةِ): بكسر الضَّاد المعجمة للهيئة وبفتحها للمرَّة، كذا قال في ((الفتح))، وليس فيه بيان أنَّهما روايتان أو إحداهما أصلٌ، لكنَّ عبارة الزَّركشيِّ تقتضي أنَّ الكسر هو الرِّواية فإنَّه قال: بكسر الضَّاد المعجمة؛ لأنَّ المراد الهيئة، ويجوز الفتح على إرادة المرَّة، وعبارة الكرمانيِّ تقتضي أنَّهما روايتان، فإنَّه قال: بفتح الضَّاد، وفي بعضها بالكسر.
          (عَلَى الشِّقِّ): بكسر الشِّين المعجمة؛ أي: الجانب (الأَيْمَنِ): والتَّقييد بالأيمن؛ لأنَّه الأكمل، وإلَّا فيحصل أصل السُّنَّة بالاضطجاع على الأيسر، وهذا الجارُّ والمجرور متعلِّقٌ بـ((الضِّجعة)) كالظَّرف في قوله: (بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ): ويحتمل جعل الثَّاني حالاً منها، ولعلَّ مراد المصنِّف بالتَّرجمة أنَّ الضِّجعة المذكورة مشروعةٌ، لكن لا لذاتها بل للفصل / بدليل إيراده الباب الثَّاني، ويحتمل أنَّه يريد مشروعيَّتها مطلقاً ما لم يعارضها غرضٌ آخر كمصلحة إيناسِ الأهل، فتأمَّل.
          وبالمصرَّح به في كتبنا استحبابُهَا، ففي ((التُّحفة)): ويُسنُّ أن يضطجع، والأَولى كونه على شقِّه الأيمن بعدهما، وكان من حكمته أن يتذكَّر بذلك ضجعةَ القبر حتَّى يستفرغ وسْعَه في الأعمال الصَّالحة ويتهيَّأ لذلك، فإن لم يُرِد ذلك فصلَ بينهُما وبين الفرض بنحو كلامٍ أو تحوُّلٍ، ويأتي هذا في المقضيَّة، وفيما لو أخَّر سنَّة الصُّبح عنها كما هو ظاهرٌ. انتهى.
          ويُسنُّ أن يقول كما في ((الأذكار)) بعد الرَّكعتين المذكورتين سواءٌ اضطجع أو لا ما كان يقوله رسول الله كما رواه ابن السُّنيِّ مِن: ((اللَّهمَّ ربَّ جبريل وإسرافيل وميكائيل ومحمَّدٍ النبيِّ صلعم أعوذ بك مِن النَّار)) ثلاث مرَّاتٍ.