الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه

          ░19▒ (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ تَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ لِمَنْ كَانَ يَقُومُهُ): ((مَن ترك))...إلخ: بيان ((ما يُكره))، فـ((ما)) موصولةٌ أو نكرةٌ موصوفةٌ، وجعل شيخ الإسلام ((ما)) مصدريَّةٌ، ولعلَّ الأولى ما قلناه، فتأمَّل، و((لمن كان)) متعلِّقٌ بـ((يكره))، ولم يذكر الكرمانيُّ هذا الباب كالَّذي بعده، وأدخل حديثهما في التَّرجمة الأولى، نبَّه على ذلك البرماويُّ.
          قال في ((الفتح)): ما أحسن ما عقَّب المصنِّف هذه التَّرجمة بالَّتي قبلها؛ لأنَّ الحاصل فيهما التَّرغيب في ملازمة العبادة، والطَّريق الموصل إلى ذلك الاقتصادُ منها؛ لأنَّ التَّشديد فيها قد يؤدِّي إلى تركها، وهو مذمومٌ. انتهى، وكره ذلك لإشعارِه بالإعراض عن العبادةِ.
          قال ابن بطَّالٍ: فلو قطعه لمرضٍ أو شغلٍ وضعفٍ عنه معه فلا لومَ عليه، بل يُرجى له مِن الله تعالى أن لا يقطعَ أجره، لِما جاء عن النَّبيِّ صلعم أنَّ المريض يُكتَب له أجرُ ما كان يصنعه في صحَّته، ويشهد لذلك قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين:5]: يعني: الهرم والضَّعف {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين:6] أي: غير مقطوعٍ، فيكتب لهم أجر عملهم في الشَّباب والصِّحَّة. انتهى.