الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب تحريض النبي على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب

          ░5▒ (باب: تَحْرِيضِ): بالضَّاد المعجمة؛ أي: حثِّ (النَّبِيِّ صلعم): يعني: أُمَّته أو بعض أصحابه، ويُعلَم حكم هذا بالقياس (عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ): ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: <على قيام اللَّيل> ونسب هذه في ((الفتح)) للأكثرين، و((صلاة اللَّيل)) للأصيليِّ وكريمة، وعلى ما جرينا تبعاً للقسطلانيِّ فبالعكس، فتدبَّر.
          (وَالنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ): متعلِّقٌ كسابقه بـ((تحريض)) على أنَّه حالٌ منه أو ظرفٌ له لغو، وفي بعض النُّسخ: <باب تحريض النَّبيِّ صلعم على قيام اللَّيل بالنَّوافل من غير إيجابٍ>، وهذه عندي أولى، و((قيام اللَّيل)) إن حُمِل على أعمَّ مِن الصَّلاة والقراءة وغيرهما فيكون عطف ((النَّوافل)) عليه مِن عطف الخاصِّ على العامِّ، وأمَّا عطفها على: ((صلاة اللَّيل)) فبالعكسِ لشمولها لنوافل النَّهار.
          قال ابن المنيِّر: اشتملت التَّرجمة على أمرين: التَّحريض ونفي الإيجاب، فحديث أمِّ سلمة للأوَّل وحديث عائشة للثَّاني، وقال في ((الفتح)): بل يُؤخذ من الأحاديث الأربعة نفي الإيجاب، ويُؤخذ التَّحريضُ من حديثي عائشة. انتهى.
          وأقولُ: إن اعتُبِر المقيَّد وحده دلَّتِ التَّرجمة على شيءٍ واحدٍ، وإن اعتُبِر مع قيدِهِ اشتملت على ثلاثةٍ بزيادة صلاة اللَّيل، بل على أربعةٍ، والرَّابع: النَّوافل لشمولها للنَّهار كما مرَّ، فتدبَّر.
          (وَطَرَقَ): بفتحاتٍ من الطُّروق؛ أي: أتى (النَّبِيُّ صلعم فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ السَّلَامُ): كذا في بعض النُّسخ، وفي بعضها: <عليهما السَّلام>، وهو مكروهٌ تنزيهاً، ولعلَّ المصنِّف لا يرى الكراهة، وفي بعض النُّسخ: <☻>، ولعلَّ تقديم فاطمة لشرفِها (لَيْلَةً): ظرفٌ لـ((طرق)) مؤكِّدٌ؛ إذ الطُّروق: الإتيان ليلاً، وحكى ابن فارسٍ: أنَّه الإتيان مطلقاً، فعليه: ((ليلةً)) تأسيسٌ لبيان وقت المجيء، ويحتمل أنَّ المراد بـ((ليلة))؛ أي: مرَّةً واحدةً، قاله في ((الفتح)).
           / (لِلصَّلَاةِ): متعلِّقٌ به على أنَّه علَّةٌ لهُ؛ أي: للتَّحريض عليها، وفيه المطابقة، وهذا التَّعليق وصله المصنِّف في هذا الباب.