نجاح القاري لصحيح البخاري

باب فضل التسبيح

          ░65▒ (باب: فَضْلِ التَّسْبِيحِ) وهو قول سبحان الله، ومعناه: تنزيه الله عمَّا لا يليق به من كلِّ نقصٍ فيلزم نفي الشَّريك والصَّاحبة والولد وجميع الرَّذائل، ويطلق التَّسبيح ويراد به جميع ألفاظ الذِّكر، ويطلق ويراد به: صلاة النَّافلة.
          وأمَّا صلاة التَّسبيح فسمِّيت بذلك؛ لكثرة التَّسبيح فيها.
          وقال ابن الأثير: وأصل التَّسبيح التَّنزيه من النَّقائص، ثمَّ استعمل في مواضع تقرب منه اتِّساعاً، ويقال أيضاً: للذِّكر ولصلاة النَّافلة، يقال: قضيت سُبْحتي والسُّبحة من التَّسبيح كالسُّخرة من التَّسخير، ثمَّ إنَّ لفظ «سبحان» اسم مصدر وهو التَّسبيح، وقيل: بل مصدرٌ؛ لأنَّه سُمِع له فعلٌ ثلاثيٌّ وهو من الأسماء للإضافة، وقد يفرد وإذا أفرد منع الصَّرف للتَّعريف وزيادة الألف والنُّون، كقوله:
أقول له لمَّا جاءني فخره...                     سبحان...
          وجاء منوناً كقوله:
سبحانه ثمَّ سبحاناً يعود له
          فقيل صرف ضرورة، وقيل: هو بمنزلةٍ «قبلُ وبعد» إن نوى تعريفه بقيَ على حاله وإن نُكِّر أُعرب منصرفاً، وهذا الحديث يساعد على كونه مصدراً لا اسم مصدر لوردوه منصرفاً.
          ولقائل القول الأوَّل أن يُجيب عنه بأنَّ هذا نكرةٌ لا معرفةٌ، وهو من الأسماء اللَّازمة الإضافة غالباً وهو منصوبٌ على أنَّه مصدر أو اسم مصدرٍ واقع موقع المصدر، والنَّاصب له فعلٌ مقدَّرٌ ولا يجوز إظهاره.
          وعن الكِسائي: أنَّه منادى تقديره يا سبحانك، / ومنعه جمهور النَّحويِّين وهو مضافٌ إلى المفعول؛ أي: سبَّحت الله.
          ويجوز أن يكون مضافاً إلى الفاعل؛ أي: نزَّه اللهُ نفسَه، والأوَّل هو المشهور.