نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الشرب في الأقداح

          ░29▒ (بابُ الشُّرْبِ فِي الأَقْدَاحِ) جمع: قدح، في «المُغرِب»: القَدَح _بفتحتين_ الذي يُشرب به. وقال الحافظُ العسقلاني: ولعلَّه أشار إلى أنَّ الشُّرب فيها وإن كان من شعار الفسقة، لكن ذلك بالنَّظر إلى المشروب، وإلى الهيئة الخاصَّة، وتعقَّبه العيني: بأنَّه كيف يقول: إنَّ الشُّرب فيها من شعار الفسقة؟
          وقد وضع البُخاري عقيب هذه التَّرجمة: «باب الشُّرب من قدح النَّبي صلعم » [خ¦5637]، وذكروا أيضًا: أنَّه كان للنَّبي صلعم قدح يُقال له: الرَّيان، وآخر يقال له: المغيث، وآخر مضبَّب بثلاث ضبَّات من فضَّة، وقيل: من حديد، وفيه حلقة يعلَّق بها، أصغرُ من المد، وأكثر من نصف المد.
          وعن عاصم: رأيتُ عند أنس ☺ قدحَ النَّبي صلعم / فيه ضبَّة من فضَّة، رواه الإمام أحمد. وفي رواية البيهقي: ((وكان قد انصدعَ بسلسلةٍ من فضَّة)). قال: وهو قدح عريضٌ من نُضَار، والقدح الذي يَشربُ به الفسقة معلوم بين النَّاس، أنَّه من زجاج، ومن بلور، ومن فضَّة ونحوها، وكانت أقداح النَّبي صلعم كلها من جنسِ الخشب. فإن قيل: روى البزَّار من حديث ابن عبَّاس ☻ : أنَّ المقوقس أهدى إلى رسول الله صلعم قدح قوارير فكان يشربُ منه.
          فالجوابُ: أنَّه حديثٌ ضعيفٌ، ولئن سلَّمنا صحَّته، فنقول: لم يكن شرب النَّبي صلعم منه مثل شرب غيره من المترفين، ولا شرابه مثل شرابهم.