نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: في كم يقرأ القرآن وقول الله تعالى {فاقرءوا ما تيسر منه}

          ░34▒ (باب فِي كَمْ) مدَّة (يَقْرَأُ) أي: القارئ (الْقُرْآنَ) كله فيها، وفي اليونينية: <يُقْرأ> على البناء للمفعول، و<القرآنُ> رفع نائب عن الفاعل، ولم يبين فيه المدَّة؛ لأنَّه لم يرد فيه شيء من الحدِّ المعين، وكأنَّه أشار بذلك إلى الرَّد على من قال: أقلُّ ما يجزئ من القرآن في كلِّ يوم وليلة جزء من أربعين جُزْءًا من القرآن، وهو منقولٌ عن إسحاق بن راهويه والحنابلة، وكذلك ضم إليه قوله:
          (وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ} [المزمل:20]) أي: عليكم ({مِنْهُ}) أي: من القرآن، ذكره في معرض الاستدلال على عدم التَّحديد في كمية القراءة؛ لأنَّ عموم قوله: {ما تيسر منه} يشمل أقلَّ من ذلك وأكثرَ منه على سبيل التَّيسر، ولا يقتضي جزءًا معينًا ولا محدودًا ولا وقتًا محدودًا ولا معينًا، فمن ادَّعى التَّجزئة فعليه البيان، وما وردَ فيه من الأحاديث والأخبار لا يدلُّ على تنصيصِ الكمية في القدر والوقت، وما أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عَمرو ☻ في كم يقرأ القرآن؟ قال: في أربعين يومًا، ثم قال: في شهر. الحديث، لا يدلُّ على المُدَّعَى.