نجاح القاري لصحيح البخاري

باب تعليم الصبيان القرآن

          ░25▒ (بابُ) جواز (تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ) وكأنَّه أشار بذلك إلى الرَّدِّ على من كره ذلك، وقد جاءت كراهية ذلك عن سعيد بن جُبير وإبراهيمَ النَّخعي، وأسندَه ابن أبي داود عنهما ولفظ سعيدِ بن جُبير: كانوا يحبُّون أن يُقَرَّأَ الصَّبيُّ بعد حين، ومعناه أن يُتْرَكَ الصَّبيُّ أولًا مرفَّهًا ثمَّ يُؤخَذُ بالجدِّ على التَّدريج، فهذا يدلُّ على أنَّ كراهة ذلك من جهة حصول المَلال له. ولفظ إبراهيم: كانوا يكرهون أن يعلِّموا الغلام القرآن حتى يعقلَ.
          وأخرجَ بإسناد صحيحٍ، عن الأشعث بن قيس أنَّه قدَّمَ غلامًا صغيرًا فعابوا عليه، فقال: ما قدَّمْتُه ولكن قدَّمْتُ القرآن، وحجَّةُ من أجاز ذلك أنَّه أَدْعَي على ثبوتهِ ورسوخه عنده، كما يقال: التَّعَلُّمُ في الصِّغَرِ كالنَّقْشِ في الحَجَرِ، وقد ذكر ابنُ الجوزي في «تنبيه الغمر بمواسم العمر»:
إِنَّ الْغُصُونَ إِذَا قَوَّمْتَهَا اعْتَدَلَتْ                      وَلَنْ يَلِينَ إِذَا قَوَّمْتَهُ الْخَشَبُ
قَدْ يَنْفَعُ الْأَدَبُ الأَحْدَاثَ فِي مَهَلٍ                      وَلَيْسَ يَنْفَعُ ذِيْ الشَّيْبَةِ الْأَدَبُ
          وعند ابن سعدٍ بإسناد صحيحٍ عن ابن عبَّاس ☻ قال: ((سلوني عن التَّفسير فإني حفظتُ القرآن وأنا صغيرٌ)). وفي «تهذيب النَّووي» أنَّ سفيان بن عُيينة حَفِظَ القرآن، وهو ابنُ أَرْبَعِ سنين، والحقُّ أنَّ ذلك مختلفٌ باختلافِ الأشخاص.