نجاح القاري لصحيح البخاري

باب فضل القرآن على سائر الكلام

          ░17▒ (بابُ فَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلاَمِ) هذه الترجمة لفظُ حديثٍ أَخرَجَ الترمذيُّ مَعْنَاه من حديث أبي سعيد الخدريِّ ☺ قال: قال رسول الله صلعم : ((يقول الرَّبُّ ╡: من شغله القرآنُ عن ذكرِي، وعن مسألتي أعطيتُه أفضلَ ما أُعطى السَّائلين، وفضلُ كلام الله على سائرِ الكلام كفضلِ الله على خلقهِ)). ورجاله ثقاتٌ، إلَّا عطيَّة العَوْفي، ففيه ضعفٌ.
          والمعنى، والله أعلم: من شغلَه القرآنُ عن الذِّكر والمسألة اللَّذَيْن ليسا في القرآن، كالدَّعوات كما يدلُّ عليه التَّذييل بقوله: ((وفضلُ كلام الله...إلى آخره)).
          وقد أخرجَه ابنُ عدي أيضًا من رواية شَهْرِ بن حوشب عن أبي هريرة ☺ مرفوعًا: ((فضلُ القرآن على سائرِ الكلام كفَضْلِ الله على خلقهِ)). وفي إسنادِهِ: عمر بن سعيد الأشج، وهو ضعيفٌ. وأخرجه ابنُ الضُّرَّيْسِ من وجهٍ آخر عن شَهْرِ بن حَوْشب مُرْسَلًا، ورجالُه لا بأسَ بهم.
          وأخرجَه يحيى بن عَبْدِ الحميد الحمَّاني في «مسنده» من حديث عمر بن الخطَّاب ☺، / وفي إسناده صفوان بن أبي الصَّهباء مُخْتَلَفٌ فيه.
          وأخرجه ابنُ الضَّرِّيس أيضًا من طريق الجرَّاح بن الضَّحاك، عن علقمةَ بن مرثد، عن أبي عبد الرَّحمن السُّلمي، عن عثمان ☺ رَفَعَه: ((خيركُم من تعلَّم القرآن وعلَّمه)). ثمَّ قال: ((وفضلُ القرآن على سائرِ الكلام كفضلِ الله تعالى على خلقهِ وذلك أنَّه مِنْه)).. وحديث عثمان ☺ هذا سيأتي بعد أبواب بدون هذه الزيادة [خ¦5028]، وقد بيَّن العسكري أنَّها من قول أبي عبد الرحمن السُّلمي. وقال المصنِّف في «خلق أفعال العباد»: وقال أبو عبد الرحمن السُّلمي، فذكره. وأشار في «خلق أفعال العباد» إلى أنَّه لا يصحُّ مرفوعًا. وأخرجه العسكريُّ أيضًا عن طاوس والحسن من قولهما.
          وقال المظهري: يعني: لا يظنُّ القارئ أنَّه إذا لم يطلبْ من الله حوائجَهُ لا يُعطيه، بل يُعطيه أكْمَلَ الإعطاء، فإنَّه من كان لله كان اللهُ له.
          وعن العارف أبي عبد الله بن خفيف قَدَّسَ اللهُ سِرَّه: شغلُ القرآن: القيام بموجباتهِ من إقامة فرائضهِ، والاجتنابِ عن محارمه، فإنَّ الرَّجُلَ إذا أطاعَ الله فقد ذَكَرهُ، وإن قلَّ صلاته وصومَه، وإن عصاهُ فقد نسيهُ، وإن كَثُرَ صلاته وصومُه.