نجاح القاري لصحيح البخاري

باب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم

          ░4▒ (بابُ كَاتِبِ النَّبِيِّ صلعم ) وفي بعضِ النُّسخ: <باب ذكر كاتب النَّبي صلعم >. وقال ابنُ كثير: تَرْجَمَ كُتَّابَ النَّبيِّ صلعم ولم يَذْكُر سوى زيد بن ثابت. وهذا عجيبٌ فكأنَّه لم يقع له على شرطهِ غير هذا، فإن صحَّ ذِكْرُ الترجمة بالجَمْعِ، فكلامه مُوَجَّه، وإلَّا فليس بذاك.
          وقال الحافظُ العسقلاني: ولم أقف في شيءٍ من النسخ إلَّا بلفظ: ((كاتب)) بالإفراد، وهو مطابق لحديث الباب. نعم، قد كَتَبَ الوحيَ لرسولِ الله صلعم جماعةٌ كثيرون غيرُ زيد بن ثابت، أمَّا بمكَّة فجميعُ ما نزل بها كتبه غيره؛ لأنَّ زيد بن ثابت إنما أسلم بعد الهجرة.
          وأمَّا بالمدينة فأكثر ما نزلَ بها كان يكتبه زيد بن ثابت، ولكثرةِ تعاطيهِ ذلك أُطْلِقَ عليه كاتبُ الوحي كما جاء في حديث البراء بن عازب ☻ ثاني حديثي الباب. / ولهذا قال له أبو بكر ☺: ((إنَّك كنت تكتبُ الوحي لرسول الله صلعم )).
          وكان زيدُ بن ثابت ربما غابَ فكتبَ الوحيَ غيرُه. وقد كتبَ له قبل زيد بن ثابت أبي بن كعب ☻ ، وهو أوَّل من كتبَ له بالمدينة. وأوَّل من كتبَ له بمكة من قريشٍ عبد الله بن سعد بن أبي سرح، ثمَّ ارتدَّ، ثمَّ عاد إلى الإسلام يوم الفتح.
          وممَّن كتب له في الجملة: الخلفاء الأربعة والزُّبير بن العوام وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص بن أمية وحنظلة بن الرَّبيع الأسدي ومُعَيقيب بن أبي فاطمة، وعبد الله بن الأرقم الزُّهري، وشُرَحْبيل بن حَسَنَة، وعبد الله بن رواحة، في آخرين.
          وروى أحمدُ وأصحاب «السنن» الثَّلاث، وصحَّحه ابن حبَّان والحاكم من حديث عبد الله بن عبَّاس ☻ عن عثمان بن عفَّان ☺ قال: كان رسولُ الله صلعم ممَّا يأتي عليه الزَّمان ينزلُ عليه من السُّوَر ذوات العدد، وكان إذا نزلَ عليه الشَّيء يدعو بعض من يكتب عنده، فيقول: ((ضعوا هذا في السُّورة التي ذكر فيها كذا)) الحديث.