نجاح القاري لصحيح البخاري

باب وقف الدواب والكراع والعروض والصامت

          ░31▒ (بابُ وَقْفِ الدَّوَابِّ وَالْكُرَاعِ) بضم الكاف وتخفيف الراء، اسمٌ للخيل وعَطَفَه على الدوابِّ من عطف الخاص على العام (وَالْعُرُوضِ) بضم العين، جمع: عرْض، بسكون الراء، وهو جميع ما عدا النَّقد من المتاع (وَالصَّامِتِ) بلفظ ضدُّ الناطق، وأريد به النَّقد من المال من الذَّهب والفضَّة، وهذه التَّرجمة معقودةٌ لبيان جواز وقف المنقولات.
          (وقَالَ الزُّهْرِيُّ: فِيمَنْ جَعَلَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدَفَعَهَا إِلَى غُلاَمٍ لَهُ تَاجِرٍ يَتْجُرُ بِهَا، وَجَعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ وَالأَقْرَبِينَ، هَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ رِبْحِ تِلْكَ الأَلْفِ شَيْئاً) ويروى: <ذلك الألف> وجه التأنيث ظاهر، وأمَّا التَّذكير فباعتبار لفظ الألف (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً) مصروفة (فِيْ الْمَسَاكِيْنِ) هذا شرطٌ على سبيل المبالغة؛ أي: هل له أن يأكلَ وإن لم يجعل ربحها صدقة (قَالَ) أي: الزهريُّ، وهو تأكيدٌ لقال الأول (لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا) أي: وإنْ لم يُجْعَلْ كذلك.
          وهذا التَّعليق وصله عن الزهريِّ ابن وهب في «مُوَطَّئِه» عن يونس عنه، وهذا ذهابٌ من الزهري إلى جواز مثل ذلك، وأنَّه لا يأكل منها، قيل: إنَّما لا يأكل إذا كان في غنىً عنها، وأمَّا إن احتاج وافتقر فيباح له الأكل منها، ويكون كأحد المساكين.
          وقال ابنُ حبيب: وهذا مذهبُ مالك، وجميع أصحابنا يقولون: إنَّه ينفق على ولده وولد ولدهِ من حبسه إذا احتاجوا وإن لم يكن لهم في ذلك سهام، فإذا استغنوا فلا حقَّ لهم، واستحسنَ مالك أن لا يستوعبوها إذا احتاجوا، وأن يكون سهمٌ منها جارياً على الفقراء لئلَّا يدرس، قاله ربيعة ويحيى بن سعيد.
          ومطابقته للترجمة باعتبار قوله: ((والصَّامت)).