إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله

          3147- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة قال: (حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ(1)، ولأبي ذرٍّ: ”عن الزُّهريِّ“ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ نَاسًا(2) مِنَ الأَنْصَارِ قَالُوا لِرَسُولِ اللهِ صلعم ) وسقطت التَّصلية لأبي ذرٍّ (حِينَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”حيث“ (أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ(3) صلعم ) وسقطت التَّصلية لأبي ذرٍّ كالسَّابقة (مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ(4)، فَطَفِقَ) بكسر الفاء الثَّانية، أي: أخذ (يُعْطِي رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ المِئَةَ مِنَ الإِبِلِ) يتألَّفهم، وهم _فيما ذكره ابن إسحاق_: أبو سفيان وابنه معاوية، وحكيم بن حزامٍ، والحارث بن الحارث بن كلدة، والحارث بن هشامٍ، وسُهَيلٍ(5) بن عمرٍو، وحُوَيطب بن عبد العزَّى، والعلاء بن حارثة الثَّقفيُّ، وعُيَيْنَةُ بن حصنٍ، وصفوان بن أميَّة، والأقرع بن حابسٍ، ومالك بن عوفٍ النَّصريُّ (فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللهُ لِرَسُولِ اللهِ صلعم ) وسقطت التَّصلية أيضًا لأبي ذرٍّ (يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَحُدِّثَ) بضمِّ الحاء مبنيًّا للمفعول، أي: أُخبِر (رَسُولُ اللهِ صلعم بِمَقَالَتِهِمْ) وعند ابن إسحاق: أنَّ الَّذي أَخْبَرَ النَّبيَّ صلعم بمقالتهم سعدُ بن عبادة (فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ) جلدٍ تمَّ دباغه (وَلَمْ يَدْعُ) بسكون الدَّال (مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلعم فَقَالَ) لهم: (مَا كَانَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ قَالَ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ) أي: أصحاب الفهم منهم: (أَمَّا ذَوُو رَأْيِنَا يا رسول الله(6)) بسكون الهمزة، أي: أصحاب رأينا الَّذين مرجع(7) أمورنا إليهم، وفي «اليونينيَّة»: ”آرائنا“ بهمزةٍ(8) قبل الرَّاء ممدودًا (فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا) من ذلك (وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ) رُفِع بـ «حديثةٌ» أي: شبَّانٌ(9) لم يدروا الصَّواب (فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللهُ لِرَسُولِ اللهِ صلعم يُعْطِي قُرَيْشًا‼ وَيَتْرُكُ الأَنْصَارَ، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِنِّي أُعْطِي) ولابن عساكر وأبي ذرٍّ: ”لَأعطي“ (رِجَالًا حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ) بتنوين «حديثٌ» بغير إضافةٍ، ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: ”حديثي عهدٍ“ (بِكُفْرٍ) بمُثنَّاةٍ تحتيَّةٍ ساكنةٍ بعد المُثلَّثة، مضافٌ للاحقه، وفيه شاهدٌ لسيبويه على إجازة مثل: مررت برجلٍ حسنٍ وجهه، بإضافة «حسنٍ» / إلى «وجهٍ»، وغيره يخالفه في ذلك، والمسألة مُقرَّرةٌ في كتب العربيَّة بأدلَّتها قاله في «المصابيح» (أَمَا) بفتح الهمزة وتخفيف الميم (تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَرْجِعُونَ) ولأبي ذرٍّ: ”وترجعوا“ بحذف النُّون علامة للنَّصب (إِلَى رِحَالِكُمْ) جمع رحلٍ، ما يسكنه الشَّخص، أو ما يستصحبه من المتاع (بِرَسُولِ اللهِ صلعم ؟) وسقطت التَّصلية لأبي ذرٍّ (فَوَاللهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ) وهو رسول الله(10) صلعم (خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ) من المال، و«ما» موصولٌ(11) مبتدأٌ خبرُه «خيرٌ» (قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ رَضِينَا، فَقَالَ) ╕ (لَهُمْ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً شَدِيدَةً) بضمِّ الهمزة وسكون المُثلَّثة، وبفتحهما(12) لأبي ذرٍّ، وبالوجهين قيَّده الجَيَّانيُّ، وبفتحهما(13) للأصيليِّ، أي: سترون بعدي استقلال الأمراء بالأموال وحرمانكم منها (فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللهَ) يوم القيامة (وَرَسُولَهُ(14) صلعم عَلَى الحَوْضِ) فتظفروا بالثَّواب الجزيل على الصَّبر (قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ نَصْبِرْ) وسقطت التَّصلية أيضًا لأبي ذرٍّ.
          وهذا الحديث قد أخرجه المؤلِّف أيضًا في «غزوة حُنَينٍ» [خ¦4331] [خ¦4332] [خ¦4333] [خ¦4334] من أربعة أوجهٍ.


[1] «بن شهابٍ»: ليس في (د).
[2] في (ص): «أناسًا» والمثبت موافقٌ لِمَا في «اليونينيَّة».
[3] في (م): «رسول الله» والمثبت موافقٌ لِمَا في «اليونينيَّة».
[4] زيد في (د): «الله عليه»، وهو تكرارٌ.
[5] في غير (م): «سهل» وهو تحريفٌ.
[6] «يا رسو ل الله»: مثبتٌ من (د) و(م)، وكذا في «اليونينيَّة».
[7] في (م): «يرجع» وهو تحريفٌ.
[8] في (ب) و(س): «بالهمزة».
[9] زيد في (د): «أي»، و«شبَّانٌ»: ليس في (ص) و(م).
[10] في (د1) و(ص) و(م): «الرَّسول».
[11] في (م): «موصولةٌ».
[12] في (ص) و(م): «بفتحها» وهو تحريفٌ.
[13] في (ص): «وبفتحها» وهو تحريفٌ.
[14] في (م): «ورسول الله» والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».