إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا حكيم إن هذا المال خضر حلو

          3143- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) الفريابيُّ قال: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ) عبد الرَّحمن بن عمرٍو (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ) بن العوَّام (أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ) بحاءٍ مُهمَلةٍ فزايٍ مُعجَمةٍ، وكان من المُؤلَّفة ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي) مرَّتين (ثُمَّ قَالَ لِي: يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرٌ) بفتح الخاء وكسر الضَّاد المُعجَمتين، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”خضرةٌ“ بالتَّأنيث باعتبار الأنواع، أو تقديره: كالفاكهة الخَضِرة(1) (حُلْوٌ) بالتَّذكير، فشبَّه المال في الرَّغبة فيه بها، فإنَّ الأخضر مرغوبٌ فيه من حيث النَّظر، والحلو من حيث الذَّوق، فإذا(2) اجتمعا زادا في الرَّغبة (فَمَنْ أَخَذَهُ) ممَّن(3) يدفعه (بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ) منشرحًا بدفعه، فالسَّخاوة راجعةٌ إلى المعطي، أو ترجع إلى الآخذ، أي: من أخذه بغير حرصٍ وطمعٍ (بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ) بأن تعرَّض له (لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي) به الجوع الكاذب (يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ) ويُسمَّى بجوع‼ الكَلَب، كلَّما ازداد أكلًا ازداد جوعًا (وَاليَدُ العُلْيَا) بضمِّ العين مقصورًا، المنفِقة(4) أو المتعفِّفة(5) (خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى) الآخذة (قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا) بفتح الهمزة وسكون الرَّاء وفتح الزَّاي آخره همزةٌ(6) أي: لا أنقص مال أحدٍ بالأخذ(7) (بَعْدَكَ)(8) بعد سؤالك أو غيرك / (شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا) وإنَّما امتنع من الأخذ مطلقًا _وإن كان مباركًا_ لسعة الصَّدر مع عدم الإشراف مبالغةً في الاحتراز؛ إذ مقتضى الجِبلَّة الإشرافُ والحرص، والنَّفس شرَّافةٌ، ومن حام حول الحمى يوشك أن يواقعه (فَكَانَ) بالفاء، ولابن عساكر: ”وكان“ (أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق ☺ (يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ العَطَاءَ فَيَأْبَى) أي: يمتنع (أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ) ☺ (دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ) زاد أبو ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”منه“ (فَقَالَ) أي: عمر (يَا مَعْشَرَ(9) المُسْلِمِينَ إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللهُ لَهُ مِنْ هَذَا الفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ) وإنَّما فعل ذلك عمر ليبرِّئ ساحته بالإشهاد عليه (فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ) زاد أبو ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”شيئًا“ (بَعْدَ النَّبِيِّ صلعم حَتَّى تُوُفِّي) ☺ .


[1] في (م): «الخضراء».
[2] في (م): «فإن».
[3] في (ص): «فمن» وهو تحريفٌ.
[4] في (م): «المنفعة» وهو تحريفٌ.
[5] «أو المتعفِّفة»: ليس في (م).
[6] في (د1) و(ص) و(م): «همزٌ».
[7] زيد في (ب) و(س): «منه».
[8] زيد في (ب) و(س): «أي».
[9] في (م): «معاشر».