الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من أدب أهله أو غيره دون السلطان

          ░39▒ (باب: مَنْ أَدَّبَ أَهْلَه أَو غَيْرَه دُونَ السُّلْطَان)
          أي: دون إذنه له في ذلك، وهذه التَّرجمة معقودة لبيان الخلاف هل يحتاج مَنْ وجب عليه الحدُّ مِنَ الأرقَّاء إلى أن يستأذن سيِّدُه الإمامَ في إقامة الحدِّ عليه، / أو له أن يقيم ذلك بغير مشورة؟ وقد تقدَّم بيانه في (باب: إذَا زَنَت الأَمَة) قاله الحافظ.
          قلت: والمسألة خلافيَّة شهيرة، قالَ القَسْطَلَّانيُّ في الباب المذكور: قوله: (فاجلدوها...) إلى آخره، والخطاب فيه لملَّاك الأَمَة، فيدلُّ على أنَّ السَّيِّد يقيم على عبده وأَمَته الحدَّ، ويسمع البيِّنة عليهما، وبه قالَ مالكٌ والشَّافعيُّ وأحمد والجمهور مِنَ الصَّحابةِ والتَّابعين خلافًا لأبي حنيفة في آخرين، واستثنى مالكٌ القطعَ في السَّرقة. انتهى.
          قلت: وما ذكر الحافظ [في] بيان الغرض مِنَ التَّرجمةِ تعقَّبه العينيُّ إذ قال بعد نقل كلام الحافظ: قلت: لم يبيِّن الخلاف في هذه التَّرجمة أصلًا. انتهى.
          والظَّاهر عندي في الغرض مِنَ التَّرجمةِ: أنَّ المصنِّف أشار بذلك أنَّ الخلاف بين العلماء إنَّما هو في مسألة إقامة السَّيِّد الحدَّ على أرقَّائه، وليس الخلاف بينهم في التَّأديب، فإنَّه لا يحتاج الرَّجل في تأديب أهله وأرقَّائه(1) إلى أن يستأذن السُّلطان، فالخلاف في إقامة الحدود لا في التَّأديب، ويؤيِّد ما قلتُه أنَّه لا ذِكر في أحاديث الباب لإقامة الحدِّ كما لا يخفى.
          قالَ العينيُّ تحتَ حديثِ الباب: مطابقته للتَّرجمة ظاهرة، لأنَّ أبا بكر ☺ أدَّب ابنته عائشة ♦ بحضرة النَّبيِّ ╧ مِنْ غير أن يستأذنه.


[1] في (المطبوع): ((أو أرقائه)).