الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت

          ░31▒ (باب: رَجْم الحُبْلَى مِنَ الزِّنا إذا أُحصِنَت)
          يَرِدُ على ظاهر التَّرجمة أنَّها لا تثبت بالحديث، فإنَّ الثَّابت بالحديث الرَّجم بالحَبَل الآتي في قول عمر، وأمَّا رجم الحبلى فلا يصحُّ به، وأيضًا المسألة إجماعيَّة مِنْ أنَّها لا تُرجم حَتَّى تَضع، ولم يتعرَّض لهذا الإشكال ولا الجواب العينيُّ والقَسْطَلَّانيُّ.
          نعم تعرَّض له الحافظ إذ قال: قالَ الإسماعيليُّ: يريد إذا حَبلت مِنْ زنًا على الإحصان، ثمَّ وَضعتْ، فأمَّا وهي حبلى فلا تُرجم [حتَّى تضع، وقالَ ابنُ بطَّالٍ: معنى التَّرجمة هل يجب على الحبلى رجمٌ أو لا؟ وقد استقرَّ الإجماع على أنَّها لا تُرجَم حَتَّى تَضع].
          قالَ النَّوويُّ: وكذا لو كان حدُّها الجلدَ لا تُجلَد حَتَّى تضع، وكذا مَنْ وجبَ عليها قصاصٌ وهي حامل لا يقتص منه حَتَّى تضع، بالإجماع في كلِّ ذلك. انتهى.
          فليس غرضُ الإمام البخاريِّ إثباتَ رجم المرأة وهي حبلى بل بعد وضع الحمل، أو التَّرجمة مبينة(1) على الاستفهام، أي: هل ترجم أو لا؟ ونظائره كثيرة لا تحصى، ويمكن أن يقال: إنَّ المصنِّف أراد بالتَّرجمة الإشارة إلى مسألة أخرى خلافيَّة بسطت في «الأوجز»، وهي إثبات الرَّجم بمجرَّد الحَبَل بالزِّنا، وليس الغرض بيان إيقاع الرَّجم حالة الحمل، والمسألة خلافيَّة، فعند عمر ☺ تستحقُّ الحبلى مِنَ الزِّنا الرَّجم_بعد الوضع_ بمجرَّد الحَبَل، وإن لم تقرَّ، وبه قال الإمام مالك خلافًا للجمهور، ومنهم الأئمَّة الثَّلاثة، فعندهم لا بدَّ له مِنْ إقرار أو بيِّنة، ثمَّ اعلمْ أنَّه قد ذُكر في «اللَّامع» و«هامشه» الكلام على بعض أجزاء حديث الباب مبسوطًا مفصَّلًا، فارجع إليه لو شئت.


[1] في (المطبوع): ((مبنية)).