الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ذكر معاوية

          ░28▒ (باب: ذِكْر مُعَاوِية)
          أي: ابن أبي سفيان_ واسمه صخر ويكنَى أيضًا أبا حَنْظَلة_ ابن حرب بن أمية بن عبد شمس أسلم قبل الفتح، وأسلم أبواه بعده، وصحب النَّبيَّ صلعم وكتب له، وولي إمرة دمشق عن عمر بعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان سَنة تسع عشرة، واستمرَّ عليها بعد ذلك إلى خلافة عثمان، ثمَّ زمانَ محاربته لعليٍّ وللحسن، ثمَّ اجتمع عليه النَّاس في سَنة إحدى وأربعين إلى أن مات سَنة ستِّين، فكانت ولايته بين إمَارةٍ ومحارَبَةٍ ومَمْلَكةٍ أكثر مِنْ أربعين سَنةً متوالية. انتهى مِنَ «الفتح».
          وفي القَسْطَلَّانيِّ: وكان معاوية يقول: إنَّه أسلم يوم الحديبية وكتم إسلامه مِنْ أبيه وأمه، وهو وأبوه مِنَ المؤلَّفَة قلوبهم، ومِنَ الطَّبقة الأولى في قسم غنائم حُنين، ثمَّ حَسُن إسلامهما، وكان أبيض جميلًا، وهو مِنَ الموصفين(1) بالحلم، وتوفِّي بدمشق. انتهى.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: قوله: (ذكر مُعَاوِية) ولعلَّه غيَّر العنوان ولم يعبِّر بالمناقب لأنَّه لم يزد على الصُّحبة والفقاهة المشتركة بين أكثر الصَّحابة رضي الله تعالى عنهم. انتهى.
          قلت: وبنحو ذلك قالت الشُّرَّاح عامَّة.
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: ومناسبة هذه الأحاديث لما ترجم له ما فيها مِنْ ذكر الصُّحْبة المقتضية للشَّرف العالي على أنَّه قد ورد في فضل السَّيِّد معاوية رضي الله تعالى عنه أحاديث، لكنَّها ليست على شرط المؤلِّف، فمِن ثمَّ لم يقُل: باب: مناقب معاوية أو فضائله؛ إذ إنَّه لا تصريحَ بذلك فيما ساقه في الباب على ما لا يخفى. انتهى.
          قال الحافظ: ونقل ابن الجوزيِّ عن إسحاق بن راهَوَيْهِ أنَّه قال: لم يصحَّ في فضائل معاوية شيء، فهذه النُّكتة في عُدُول البخاريِّ عن التَّصريح بلفظ مَنْقَبة اعتمادًا على قول شيخه إلى أن قال: وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة، لكن ليس فيها ما يصحُّ مِنْ طريق الإسناد، وبذلك جزم إسحاق بن راهَوَيْهِ والنَّسَائيُّ. انتهى.
          قلت: ويشكل على هذا كلِّه أنَّ الإمام البخاريَّ لم يترجم بلفظ: (ذكر) بدل (المناقب) في هذه الباب خاصَّة، بل ترجم بلفظ: الذِّكر في عدَّة أبواب كما تقدَّم، وأيضًا سيأتي (ذكر جرير)، و(ذكر حذيفة) وغير ذلك.
          اللَّهمَّ إلَّا أن يقال: إنَّه يقال(2): إنَّه ليس في هذه الأبواب كلِّها الَّتي غيَّر فيها العنوان ذِكرُ مَنْقَبة خاصَّة كما يظهر مِنْ مطالعة هذه الأحاديث الواردة في هذه الأبواب، ولمَّا كان أمر الأمير معاوية رضي الله تعالى عنه مشهورًا بين النَّاس، وقد ورد في فضله أحاديث كثيرة غير صحيحة عندهم نبَّهوا على ذلك خاصَّة.


[1] في (المطبوع): ((الموصوفين)).
[2] قوله: ((إنه يقال)) ليس في (المطبوع).