الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ذكر ابن عباس

          ░24▒ (باب: مناقب ابن عبَّاسٍ)
          وفي «نسخ الشُّروح الثَّلاثة»: <ذكر ابن عبَّاسٍ> بدل (مناقب)، ولفظ: (الباب) موجود في بعض دون بعض.
          قالَ العلَّامةُ العينيُّ: وإنَّما لم يقل: مناقب ابن عبَّاسٍ؛ مثل غيره لأنَّه قد عقد له بابًا في كتاب العِلم حيث قال: (باب: قول النَّبيِّ صلعم اللَّهمَّ علِّمه الكتاب) ثمَّ ذكر عنه أنَّه قال: (ضَمَّنِي رسول الله صلعم وقال: اللَّهمَّ علِّمه الكِتَاب) وهذه منقبة عظيمة، فاكتفى به عن ذكر لفظ مناقب هنا. انتهى.
          قال الحافظ تحت التَّرجمة: أي: عبد الله بن عبَّاس بن عبد المطَّلب بن هاشم، ابن عمِّ النَّبيِّ صلعم، يُكنى أبا العبَّاس، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ومات بالطَّائف سنة ثمان وستِّين، وكان مِنْ علماء الصَّحابة حتَّى كان عمر يقدِّمه مع الأشياخ وهو شابٌّ، أورد فيه حديثه قال: (ضمَّني النَّبيُّ صلعم إليه، وقال: اللَّهمَّ علِّمه الحكمة) وفي لفظ: (علِّمه الكتاب) وهو يؤيِّد مَنْ فسَّر الحكمة هنا(1) بالقرآن، وقد استوعبت ما قيل في تفسيرها في أوائل كتاب العِلم... إلى آخر ما قال.
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: ولد بالشِّعب قبل خروج بني هاشم منه، وحنَّكَه صلعم برِيقِه، وسمَّاه ترجمان القرآن، وكان طويلًا أبيض جسيمًا وسيمًا صبيح الوجه.
          قال مسروق: كنت إذا رأيت ابن عبَّاسٍ قلت: أجملُ النَّاس، فإذا تكلَّم قلتُ: أفصحُ النَّاس، وإذا تحدَّث قلت: أعلمُ النَّاس، وتوفِّي بالطائف بعد أن عمي سَنة ثمان وستِّين، وهو ابن سبعين سَنة، وصلَّى عليه محمَّد بن الحنفيَّة. انتهى.
          كتب الشَّيخ قُدِّس سرُّه في «اللَّامع»: قوله: (الحكمة: الإصابة في غير النُّبوَّة) يعني بذلك أنَّ الحكمة قد تستعمل في الأنبياء، ومعناها الإصابة والنُّبوَّة، وقد تستعمل في غير الأنبياء، كما ذكرت هاهنا، / ومعناها: الإصابة دون الإصابة الَّتي في النُّبوَّة، والظَّاهر أنَّ غرض المؤلِّف أنَّ الحكمة إذا استُعملت في غير محلِّ النُّبوَّة فمعناها الإصابة(2). انتهى.
          وذكر في «هامشه» بعض الأقوال في تفسير الحكمة.
          وفيه أيضًا قال الحافظ: واختُلف في المراد بالحكمة هاهنا، فقيل: الإصابة في القول، وقيل: الفهم عن الله، وقيل: ما يشهد العقل بصحَّته، وقيل: نور يفرق به بين الإلهام والوسواس، وقيل: سرعة الجواب بالصَّواب، وقيل غير ذلك. انتهى.
          وسيأتي الكلام في تفسير الحكمة في تفسير سورة الأحزاب أيضًا.


[1] في (المطبوع): ((هاهنا)).
[2] في (المطبوع): ((بالإصابة)).