الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب مناقب المهاجرين وفضلهم

          ░2▒ (باب: مَنَاقِب المهَاجرِين وفضْلِهِم منهم(1) أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة ♥)
          سقط لفظ: (باب) مِنْ رواية أبي ذرٍّ، والمهاجرون هم الَّذِينَ هاجروا مِنْ مكَّة إلى المدينة إلى الله تعالى، وقيل: المراد بالمهاجرين مَنْ عدا الأنصار ومَنْ أسلم يوم الفتح وهلمَّ جرًّا، فالصَّحابة مِنْ هذه الحيثيَّة ثلاثة أصناف، والأنصَارُ: همُ الأَوْسُ والخَزْرَج وحُلَفاؤُهم ومَوَالِيهم (2). انتهى مِنَ العينيِّ.
          واقتصر الحافظ في «الفتح»: على القول الأخير، أي: المراد بهم مَنْ عدا الأنصار... إلى آخره.
          قوله: (منهم أبو بكر...) إلى آخره، هكذا جزم بأنَّ اسم أبي بكر ☺ عبد الله، وهو المشهور، ويقال: كان اسمه / قبل الإسلام عبد الكعبة، وكان يسمَّى أيضًا عتيقًا، واختُلف هل هو اسم له أصليٌّ، أو قيل له ذلك لأنَّه ليس في نسبه ما يعاب به، أو لقدمه في الخير وسبقه إلى الإسلام، أو قيل له ذلك لحسنه، أو لأنَّ أُمَّه كان لا يعيش لها ولد، فلمَّا وُلِد استَقبلت به البيت، فقالت: اللَّهمَّ هذا عتيقك مِنَ الموت، أو لأنَّ النَّبيَّ صلعم بشَّره بأنَّ الله أعتقه مِنَ النار، وقد ورد في هذا الأخير حديث عن عائشة عند التِّرمذيِّ وآخر عن عبد الله بن الزُّبير عند البزَّار، وصحَّحه ابن حِبَّان، وزاد فيه: ((وكان اسمه قبل ذلك عبد الله بن عثمان)) وعثمان اسم أبي قحافة لم يُخْتَلف في ذلك كما لم يُخْتَلف في كُنْيَته الصِّدِّيق، ولُقِّب الصِّدِّيق لسبقه إلى تصديق النَّبيِّ صلعم، وقيل: كان ابتداء تسميته بذلك صبيحة الإسراء، وروى الطَّبَرانيُّ مِنْ حديث عليٍّ: ((أنَّه كان يحلف أنَّ الله أنزل اسم أبي بكر مِنَ السَّماء الصِّدِّيق)) رجاله ثقات.
          وأمَّا نسبه فهو عبد الله بن عُثمان بن عَامر بن عَمْرو بن كَعْب بن سَعْد بن تَيْم بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤيٍّ بن غَالِب، يجتمع مع النَّبيِّ صلعم في مُرَّة بن كَعب، وعدد آبائهما إلى مُرَّة سَواء، وأُمُّ أبي بَكْر سلمى، وتُكنَى أمَّ الخَير بنت صَخر بن مَالك بن عَامر بن عَمْرو المذكور، أسلمت وهاجرت، وذلك معدود مِنْ مناقبه لأنَّه انتظم إسلام أبويه وجميع أولاده.
          قوله: (وقول الله ╡: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} الآية [الحشر:8])، ساقها الأَصيليُّ وكريمة إلى قوله: {هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر:8] وأشار المصنِّف بهذه الآية إلى ثبوت فضل المهاجرين لِما اشتملت عليه مِنْ أوصافهم الجميلة، وشهادة الله تعالى لهم بالصِّدق.
          قوله: (وقال الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ} الآية [التَّوبة:40]) أشار المصنِّف بها إلى ثبوت فضل الأنصار، فإنَّهم امتثلوا الأمر في نصره، وفي الآية أيضًا فضل أبي بكر الصِّدِّيق لأنَّه انفرد بهذه المَنْقَبَة حيث صاحب رسول الله صلعم في تلك السَّفْرة ووقاه بنفسه. انتهى كلُّه مِنَ «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((ومنهم)).
[2] فتح الباري: ج7/ص9