الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح

          ░21▒ (باب: مناقب أَبِي عُبَيْدَة بن الجرَّاح)
          قال الحافظ: كذا أخَّر ذكره عن إخوانه مِنَ العشرة، ولم أقف في شيء مِنْ «نسخ البخاريِّ» على ترجمة لمناقب عبد الرَّحمن بن عوف ولا لسعيد بن زيد، وهما مِنَ العشرة، وإن كان قد أفرد ذكر إسلام سعيد بن زيد بترجمة في أوائل السِّيرة النَّبويَّة، وأظنُّ ذلك مِنْ تصرُّف النَّاقلين لـ«كتاب البخاريِّ»، كما تقدَّم مرارًا أنَّه ترك الكتاب مسوَّدة، فإنَّ أسماء مَنْ ذكرهم هاهنا لم يقع فيهم مراعاة الأفضليَّة ولا السَّابقيَّة / ولا الأَسَنِّيَّة، وهذه جهات التَّقديم في التَّرتيب، فلمَّا لم يراعِ واحدًا منها دلَّ على أنَّه كتب كلَّ ترجمة على حدة، فضمَّ بعضُ النَّقَلة بعضها إلى بعض حسب ما اتَّفق.
          وأبو عبيدة اسمه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح بن هِلال بن أُهَيب بن ضَبَّة بن الحارث بن فِهْر، يجتمع مع النَّبيِّ صلعم في فِهْر بن مالك، وعدد ما بينهما مِنَ الآباء متفاوت جدًّا بخمسة آباء، ومنهم مَنْ أدْخَل في نسبه بين الجرَّاحِ وهِلالٍ رَبِيعةَ، وبذلك جزم أبو الحسن بن سُمَيْعٍ، ولم يذكره غيره، وأمُّ أبي عبيدة هي مِنْ بنات عمِّ أبيه، وذكر أبو أحمد الحاكم أنَّها أسلمت، وقُتل أبوه كافرًا يوم بدر، ويقال: إنَّه هو الَّذِي قُتل(1)، ومات أبو عبيدة وهو أمير على الشَّام مِنْ قِبَل عمر بالطَّاعون سَنة ثمان عشرة باتِّفاق.
          ثم قال الحافظ بعد ذكر حديث الباب حديث أنس: أورد التِّرمذيُّ وابن حِبَّان هذا الحديث مطوَّلًا وأوَّله: ((أرحم أمَّتي بأمَّتي أبو بكر، وأشدُّهم في أمر الله عمر، وأصدقُهم حياءً عثمان، وأقرؤُهم لكتاب الله أُبيٌّ، وأفرضُهم زيدٌ، وأعلمُهم بالحلال والحرام مُعَاذ، ألا وإنَّ لكلِّ أُمَّة أمينًا)) الحديث، وإسناده صحيح إلَّا أنَّ الحفاظ قالوا: إنَّ الصَّواب في أوَّله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخاريُّ، والله أعلم. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((قتله)).