الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ذكر أصهار النبي

          ░16▒ (باب: ذكر أَصْهَار النَّبيِّ صلعم ) [إلى آخره]
          أي: الَّذِينَ تزَوَّجوا إليه_وليس المراد مَنْ تزَوَّجَ النَّبيُّ صلعم إليه كما سيأتي_ والصِّهر يُطلَق على جميع أقارب المرأة والرَّجل، ومنهم مَنْ يخصُّه بأقَارب المرأة.
          قوله: (منهم أبُو العَاص بنُ الرَّبِيع) أي: ابن رَبِيعة بن عبد العزَّى بن عبد شمس بن عبد مَناف، ويقال: بإسقاط ربيعة، وهو مشهور بكنيته، واختُلف في اسمه على أقوال أثْبَتُها عندَ الزُّبير مِقْسَم، وأُمُّه هَالَة بنت خُويلد أخت خديجة، فكان ابنَ أختها، وأصْل المصَاهَرَة المقَارَبَةُ، وقالَ الرَّاغب: الصِّهْر: الخَتَن، وأهل بيت المرأة يقال لهم: الأصهار، قال الحافظ: وكأنَّه لمَّحَ بالتَّرجمة إلى ما جاء عن عبد الله بن أَبي أَوْفَى رَفَعه: ((سَأَلْتُ ربِّي ألَّا أتزوَّجَ أحدًا مِنْ أمَّتي ولا أتزوَّج إليه إلَّا كان معي في الجنَّة فأَعْطَاني)) أخرجه الحاكم في مناقب عليٍّ.
          قالَ النَّوويُّ: الصِّهر يُطلق على أقارب الزَّوجين، وعلى هذا عملُ البخاريِّ، فإنَّ أبا العاص بن الرَّبيع ليس مِنْ أقارب نساء النَّبيِّ صلعم إلَّا مِنْ جهة كونه ابن أخت خديجة، وليس المراد هنا نسبتَه إليها بل إلى تزوُّجه بابنتها، وتزوَّج زينب بنتَ رسول الله صلعم قبل البعثة، وهي أكبر بنات النَّبيِّ صلعم، وقد أُسر أبو العاص ببدر مع المشركين، وفدَتْه زينبُ، فشرط عليه النَّبيُّ صلعم أن يرسلها إليه، فوفَى له بذلك، فهذا معنى قوله في آخر الحديث: (وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي) ثمَّ أُسر أبو العاص مَرَّة أخرى، فأجَارته زينب، فأسلم فردَّها النَّبيُّ صلعم إلى نكاحه، وولدت أُمَامةَ الَّتي كان النَّبيُّ صلعم يَحمِلُها وهو يصلِّي، كما تقدَّم في الصَّلاة وولدت له أيضا ابنًا اسمه عليٌّ، كان في زمن النَّبيِّ صلعم مراهقًا، فيقال: إنَّه مات قبل وفاة النَّبيِّ صلعم، وأمَّا أبو العاص، فمات سَنة اثنتي عشرة، وأشار المصنِّف بقوله: (منهم) إلى مَنْ لم يذكره ممَّن تزوَّج إلى النَّبيِّ صلعم كعثمان وعليٍّ، وقد تقدَّمت ترجمة كلٍّ منهما، ولم يتزوَّج أحد مِنْ بنات النَّبيِّ صلعم غير هؤلاء الثَّلاثة إلَّا ابن أبي لهب فإنَّه كان تزوَّج رُقيَّة قبل عثمان ولم يدخل بها، فأمره أبوه بمفارقتها ففارقها، فتزوَّجها عثمان، وأمَّا مَنْ تزوَّج النَّبيُّ صلعم إليه فلم يقصده البخاريُّ بالذِّكر هنا، والله أعلم. انتهى مِنَ «الفتح».