-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
باب ما جاء في قول الله تعالى {واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا}
-
باب قول النبي: سترون بعدى أمورًا تنكرونها
-
باب قول النبي: هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء
-
باب قول النبي: ويل للعرب من شر قد اقترب
-
باب ظهور الفتن
-
باب: لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه
-
باب قول النبي: من حمل علينا السلاح فليس منا
-
باب قول النبي: لا ترجعوا بعدى كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض
-
باب: تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم
-
باب: إذا التقى المسلمان بسيفيهما
-
باب: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة
-
باب من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم
-
باب: إذا بقي في حثالة من الناس
-
باب التعرب في الفتنة
-
بابُ التعوذ من الفتن
-
باب قول النبي: الفتنة من قبل المشرق
-
باب الفتنة التي تموج كموج البحر
-
باب: إذا أنزل الله بقوم عذابًا
-
باب قول النبي للحسن بن علي: إن ابنى هذا لسيد ولعل الله
-
باب: إذا قال عند قوم شيئًا ثم خرج فقال بخلافه
-
باب: لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور
-
باب تغيير الزمان حتى يعبدوا الأوثان
-
باب خروج النار
-
باب
-
باب ذكر الدجال
-
باب: لا يدخل الدجال المدينة.
-
باب يأجوج ومأجوج
-
باب ما جاء في قول الله تعالى {واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا}
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░26▒ بَابُ ذِكْرِ الدَّجَّالِ
ذَكَرَ فيه أحاديثَ:
7122- أحدُها: حديثُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ صلعم عَنْ الدَّجَّالِ مَا سَأَلْتُهُ، وَإِنَّهُ قَالَ لِي: (مَا يَضُرُّكَ مِنْهُ؟) قُلْتُ: إنَّهم يَقُولُونَ: إِنَّ مَعَهُ جَبَلَ خُبْزٍ وَنَهَرَ مَاءٍ، قَالَ: (هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذَلِكَ).
7123- ثانيها: حديثُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻، أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (هُوَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ).
7124- 7125- ثالثُها: حديثُ أَنَسٍ ☺ أنَّ النَّبِيُّ صلعم قَالَ: (يَجِيءُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَنْزِلَ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ).
7126- رابعُها: حديثُ أَبِي بَكْرَةَ ☺، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ منها مَلَكَانِ).
7127- خامسُها: حديثُ ابنِ عُمَرَ ☻ قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صلعم فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: (إِنِّي لَأُنْذِرُكُمُوهُ، وَما مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ، إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ اللهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ).
7128- وفي لفظٍ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يَنْطُفُ _أَوْ يُهَرَاقُ_ رَأْسُهُ مَاءً، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ) رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ.
7129- سادسُها: حديثُ عَائِشَةَ ♦ قَالَتْ: (سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلعم يَسْتَعِيذُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ).
7130- سابعُها: حديثُ حُذَيفةَ ☺، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم قَالَ فِي الدَّجَّالِ: (إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ وَمَاؤُهُ نَارٌ). قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ ☺: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم.
7131- ثامنُها: حديثُ أَنَسٍ ☺ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، أَلَا أِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبًا كَافِرٌ، مَكْتُوبٌ ك ف ر). فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابنُ عبَّاسٍ ♥ عَنِ النَّبِيِّ صلعم.
الشَّرحُ: ها هنا أَسْوِلَةٌ.
أحدُها: ما معنى قولِه ◙: (تَرْجُفُ المَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ)؟ وقد قال في حديثِ أبي بَكْرَةَ أنَّه (لَا يَدْخُلُ المَدِينَةَ رُعْبُ الدَّجَّالِ) قلتُ: أجابَ عنه المُهَلَّب أنَّها ليست مِن رُعْبِهِ ولا مِن خوفِهِ، وإنَّما ترجُفُ لمن يتشوَّقُ إليه مِن المنافقين، فيُخرِجُهم أهلُ المدينة كما قال ◙: ((إنَّها تَنْفي خَبَثَها)).
والدَّليلُ على أنَّ المؤمنينَ فيها لا يُرْعَبُونَ مِن الدَّجَّالِ أنَّه يخرجُ إليه منهم رجلٌ يناظرُهُ، وهو الَّذي يقولُ له الدَّجَّال: أرأيتَ إن قتلتُ هذا ثمَّ أَحْيَيْتُه أَتشكُّون في الأمرِ؟ فيقولون: لا. يعني فيقولُ المنافقون الَّذين معه غيرَ ذاك الرَّجُلِ الصَّالحِ. فيقتلُهُ ثمَّ يُحْيِيهِ، فيقولُ ذلك الرَّجُلُ: واللهِ ما كنتُ قطُّ أشدَّ بصيرةً منِّي اليومَ، فيُريدُ الدَّجَّالُ أنْ يقتُلَه فلا يُسلَّطُ عليه، فهل يدخلُ رُعْبُهُ المدينةَ وأحدُهم يناظرُه ويُنازِعُه ويَجْهَرَ له بأنَّه الدَّجَّالُ ولا يَوهِنُ قلبَه ما يراه مِن قُدرةِ الله الَّتي أقدرَهُ على أنْ يقتُلَ رجلًا ثمَّ يُحيِيهِ، ولا يخافُ على مُهجتِه وهو وحدَهُ لا يمتنِعُ منه بَعددٍ ولا عُددٍ ولا جماعةٍ؟!
السُّؤالُ الثَّاني: إذا سُلِّطَ الدَّجَّالُ على قَتْلِ ذلك الرَّجُلِ وإحيائِه فهو دليلٌ على أنَّ الله يُعطي آياتِ أنبيائِه وقَلْبَ الأعيانِ أهلَ الكذِبِ على الله وأشدَّ أعدائِه فِرْيةً عليه. فأجاب الطَّبَرِيُّ: بأنَّه لا يجوز أن يُعطَى أعلامَ الرُّسُلِ أهلُ الكذبِ والإِفْكِ في الحال الَّتي لا سبيلَ لمن عاينَ ما أتى به الفريقان إلى الفَصْلِ بين المحقِّ منهم والمُبْطِل، فأمَّا إذا كان لمن عاينَ ذلك السَّبيلُ إلى عِلْمِ الصَّادق ممَّن ظَهَرَ ذلك على يدِه مِن الكاذب، فلا يُنكَرُ إعَطَاءُ اللهِ ذلك للكذَّابين لعلَّةٍ / مِن العِلل، كالَّذي أعطَى الدَّجَّالَ مِن ذلك فتنةً لمن شاهدَه ومحنةً لمن عاينَهُ؛ لِيعلَمَ اللهُ الَّذين صَدَقُوا ويعلَمَ الكاذبين.
الثَّالثُ: ما السَّببُ الَّذي يُصيبُ به مَن عاينَ ما يظهرُ مِن ذلك على يدِ الدَّجَّال أنَّه مُبطَلٌ؟ جوابُه: أبيَنُ الأسبابِ في ذلك أنَّه ذو أجزاءٍ مؤلَّفةٍ، وتأليفُه عليه بِكَذِبِه شاهدٌ، وإنَّ تأثيرَ الصَّنعةِ فيه لِمَنْ ركَّب أعضاءه خَلْقٌ ذليلٌ وعبدٌ مَهينٌ مع آفةٍ به لازمةٍ مِن عَمَهٍ أي إحدَى عينيه، يدعو النَّاسَ إلى الإقرار بأنَّه ربُّهم الَّذي خَلَقَهم، فأسوأُ حالاتِ مَن يراه مِن ذوي العقولِ أنْ يعلمَ أنَّه لم يكن لِيُسَوِّيَ خلْقَ غيرِه ويعدِّلَه ويحسِّنَهُ وهو عن دَفْعْ العاهاتِ عن نفْسِه غيرُ قادرٍ، وأقلُّ ما يجب أن يقولَ له مَن يدعوه إلى الإقرارِ له بالإلهيَّةِ: إنَّك تزعُمُ أنَّكَ خالِقُ السَّماواِت والأرض وما فيهما وأنت أعورُ ناقصُ الصُّورةِ، فصوِّرْ نفْسَكَ وعدِّلْها على صورةِ مَن أنتَ في صُورتِه إنْ كنتَ مُحِقًّا في ذلك، فإنْ زعمتَ أنَّ الرَّبَّ لا يُحْدِثُ في نفْسِه شيئًا، فإنَّك راكبٌ مِن الخطايا أرْذَلَها، فتحوَّلْ مِن الجمادِ إلى أشرفَ منه أو أزِلْ ما هو مكتوبٌ بين عينيكَ مِن الكتابِ الشَّاهدِ على كَذِبِكَ؟!
فَصْلٌ: قال المُهَلَّب: وأمَّا قولُه في حديثِ المُغِيرةِ: (إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ مَعَهُ جَبَلَ خُبْزٍ وَنَهَرَ مَاءٍ) فقال ◙: (هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذَلِكَ) يريدُ واللهُ أعلمُ أهونُ على اللهِ مِن أنْ يَفْتِنَ النَّاسَ فيُمَلِّكَهُ معايِشَ أرزاقِهم فَتَعْظُمَ بذلك فِتنتُهم، بل تبقى عليه ذِلَّة العُبُوديَّةِ بتحويجِهِ إلى معالجةِ المعاش، وقد ملَّكَهُ ما لا يضُرُّ به إلَّا مَن قُضِيَ له بالشَّقاءِ في أُمِّ الكتاب، وإنَّما يُوهِمُ النَّاسَ أنَّ هذه نارٌ يشيرُ إليها لِيخافَه مَن لا بصيرةَ له في دينِ الله فيتَّبِعَهُ مخافتها على نفْسِه، ولو أنعمَ النَّظَرَ لرأَى أنَّها ماءٌ باردٌ، وكذلك لِمَا توهَّن به وهو ماءٌ لمن لا بصيرة له ولا عندَه عِلْمٌ بما قدَّمَهُ الرَّسولُ مِن العِلم لأُمَّتِه بأنَّ نارَه ماءٌ وماءَهُ نارٌ.
ومَن أُعطِيَ فِتنته ثمَّ جُعِلَ له على تلك الفِتنةِ عَلَمُ بُطلانِها ومُحَالِها لم تكن فتنةً شاملةً ولا يَفْتَتِن بها إلَّا الأقلُّ لافتضاحِها بأوَّلِ مَن يُلقَى فيها، فيجِدُها بخلافِ ما أَوْهَمَ فيها، ولولا انتقالُه مِن بلدٍ إلى بلدٍ لأُمِنَتْ تلك الفِتنةُ إلَّا على الأوَّلِ، لكنَّهُ يَرِدُ كلَّ يومٍ بلدةً لا يَعرفُ أهلُها ما افتضحَ مِن أمرِه في غيرِها فيَظَلُّ يَفْتِنُ، ويَعْصِمُ اللهُ العلماءَ منه ومَن عَلِمَ علامةَ الشَّارعِ وثبَّتَه اللهُ تعالى فاستدلَّ بأنَّ مَن كان ذا عاهةٍ لا يكون إلهًا، فقد بانَ أنَّه أهونُ على الله مِن أنْ يمكِّنَه مِن المعجزاتِ تمكينًا صحيحًا؛ لأنَّ إقدارَه على قتْلِ الرَّجُلِ وإحيائِه لم يستمرَّ له في غيرِه ولا استضرَّ به المقتولُ إلَّا ساعةَ أَلَمِهِ، وقد لا يجدُ لِقَتْلِهِ أَلَمًا لِقُدْرِة الله على دَفْعِ أَلَمِه عنه، فإنْ آلَمَهُ آجَرَهُ الله بذلك في الآخرةِ، وإنْ لم يُؤلِمْهُ فقد أدامَ له الحياةَ بإحيائه له، ثمَّ لا يُسلَّطُ على قَتْلِ أَحَدٍ ولا إحيائِه. فَصْلٌ: ذَكَرَ عليُّ بنُ مَعْبَدٍ عن عبدِ الله بن عُمَرَ، وعن زيدِ بن أبي أُنَيسةَ عن أشعثَ بن أبي الشَّعْثَاء عن أبيه عن ابن مَسْعُودٍ ☺ قال: إنَّ الدَّجَّال يَرْحَلُ في الأرض أربعين ليلةً. وعن أبي مِجْلَزٍ قال: إذا خرجَ الدَّجَّالُ فالنَّاسُ ثلاثُ فِرَقٍ: فِرْقةٌ تُقَاتِلُه وفرقةٌ تَفِرُّ منه وفرقةٌ تُشَايِعُه، فَمَنْ تحرَّزَ منه في رأسِ جَبَلٍ أربعين ليلةً أتاه رِزْقُه، وأكثرُ مَن يُشَايِعُه أصحابُ العِيال، يقولون: إنَّا لنعرِفُ ضلالَتَه، ولكنْ لا نستطيعُ تَرْكَ عيالِنا، فمَنْ فَعَلَ ذلك كانَ مِنه.
فَصْلٌ: وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ بإسنادِه عن أبي أُمَامةَ مرفوعًا أنَّه حدَّثهم عن الدَّجَّال: ((أنَّه يخرجُ بينَ الشَّامِ والعراق فيقولُ إنَّه نبيٌّ ثمَّ يثنِّي فيقولُ: أنا ربُّكم، وإنِّه يأتي بجنَّةٍ ونارٍ، فَنَارُهُ جنَّةٌ وجنَّتُهُ نارٌ، فمَنِ ابتُلِيَ بنارِه فلْيَسْتَعِنْ بالله فإنَّها تكونُ عليه بردًا وسلامًا، ومَن ابتُلِيَ به فليقرأْ عليه فواتحَ سورةِ الكهف، وليتْفُل في وجهِه فإنَّه لا يعدو ذلك، ويقتُلُ رجلًا ثمَّ يحييهِ وليس يُحيي أحدًا بعدَه، وإنَّ له أربعين يومًا: يومٌ كالسَّنَةِ، ويومٌ كالشَّهرِ، ويومٌ كَجُمُعةٍ، ويومٌ كسائرِ الأيَّام، ويعدُو الرَّجُلُ مِن بابِ المدينةِ فلا يبلُغُ بابَها الآخر حتَّى تغيبَ الشَّمسُ)).
فَصْلٌ: ورَوَى الطَّبَرِيُّ بإسنادِه عن قَتَادَةَ عن شَهْرِ بنِ حَوشَبٍ عن أسماءَ بنت يَزِيد: أنَّه ◙ ذَكَرَ عندَها الدَّجَّال فقال: ((إنَّ قَبْلَ خروجِهِ ثلاثةُ أعوامٍ تمسِكُ السَّماءُ ثُلُثَ قَطْرِها والأرضُ ثُلُثَ نباتِها، والعامُ الثَّاني تمسكُ السَّماءُ ثُلُثَيْ قَطْرِها والأرضُ ثُلُثَيْ نباتِها، والعامُ الثَّالِثُ تمسِكُ السَّماءُ قَطْرَها والأرضُ نباتَها، حتَّى لا يبقَى ذات ضِرْسٍ ولا ذاتُ ظِلْفٍ إلَّا مات، ومِن أعظمِ فِتْنَتِهِ أنَّه يأتي الرَّجُلَ فيقولُ له: إن أحييتُ لك أباك أو أخاكَ أو عمَّكَ تَعْلَمُ أنِّي ربُّكَ، فيقول: نعم، فتمثَّل له بشياطين عنده، ويأتي الأعرابيَّ ويقول: إن أحييتُ إبِلَكَ عِظَامًا ضُروعُها، طِوَالًا أسْنِمَتُها تَعْلَمُ أنِّى ربُّكَ، فيقول: نعم، فتمثَّل له شيطانٌ عنده)) فبكى القومُ، فقال ◙: ((إنْ يخرج وأنا فيكم فأنا حَجِيجُه، وإلَّا فاللهُ خليفتِي على كلِّ مُؤمنٍ)) قالت أسماءُ: ما يكفي المؤمنَ يومئذٍ مِن الطَّعامِ يا رسولَ الله؟ قال: ((يَكفيه ما يَكفِي أهلَ السَّماءِ: التَّسبيحُ والتَّقديسُ)).
فَصْلٌ: وَذَكَرَ ابنُ أبي شَيْبَةَ بإسنادِه عن عَائِشَةَ ♦ مرفوعًا: ((يخرُجُ مع الدَّجَّالِ يهودُ أَصْبَهانَ، فيقتلُهُ عيسى ابنُ مريم ببابِ لُدٍّ، ثمَّ يمكثُ عيسى في الأرضِ أربعين سنةً أو قريبًا منها إمامًا عدلًا وحَكَمًا مُقْسِطًا)).
فَصْلٌ: قال ثعلب: الطَّافيةُ العِنَبَةُ الَّتي خَرَجَتْ عن حدِّ نِبْتَةِ أَخَواتِها فَعَلَتْ ونَتَأَتْ وظَهَرَتْ، يُقال: طَفَا الشَّيءُ إذا عَلَا وظَهَر، ومنهُ الطَّافي مِن السَّمَكِ. قلتُ: مَن همَزَ أرادَ أنَّها ذهَبَ ضوؤُها، ومَن لم يَهْمِز أراد أنَّها مُمَسَّكةٌ قد طَفَتْ وبَرَزت.
فَصْلٌ: اختُلِفَ لمَ سُمِّي الدَّجالُ دجَّالًا، فقال ثعلبٌ: الدَّجَّالُ المُمَوِّه وهو الكذَّاب، سَيْفٌ مُدَجَّلٌ إذا طُلِيَ بَذَهَبٍ. وقال ابن دريدٍ: لأنَّه يُغَطِّي الحقَّ بالكَذِبِ. وهو نحْوُ الأوَّل.
فَصْلٌ: احتجَّ به المالكيَّةُ على تفضيلِ المدينةِ على مكَّةَ بِحِرَاسَتِها دونَ غيرِها.
فَصْلٌ: (رَجَفَاتٍ) بفتْحِ الجيمِ لأنَّ فَعْلَةً إذا كان اسمًا كان جمْعُهُ فعَلَاتٌ بتحريك العينِ مِن الاسمِ مثل حَفَناتٍ وتَمَرَات، إلَّا أن تكون عينُه حرفَ عِلَّةٍ مثل جَوْزات وحَمْرات وحرمات، فسكَّنُوا الواو، وإنْ كانت صِفةً كانت العينُ مسكَّنةً مثل ضَخْمة وضَخْمَات وصَعْبة وصَعْبات / وعَدْلة وعَدْلات.
وقولُه: (فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ) أي أسمرُ، قاله في «الصِّحاحِ» و«المجمل».
وقولُه: (سَبِطُ الشَّعَرِ) هو بكسْرِ الباء، وفي «الصِّحاح» سَبْط وسَبِط أي مُسْتَرسِلٌ.