التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب

          ░25▒ بَابٌ
          7120- ذَكَرَ فيه حديثَ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلعم يَقُولُ: (تَصَدَّقُوا، فَسَيَأْتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا). قَالَ مُسَدَّدٌ: حَارِثَةُ أَخُو عُبَيْدِ الله بْنِ عُمَرَ لِأُمِّهِ.
          7121- وحديثَ أَبِي الزِّنادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ / أَبِي هُرَيْرَةَ ☺، أَنَّ رَسُولَ الله صلعم قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ). الحديثَ بِطُولِه.
          وقد سلف مختصرًا مِن هذا الوجهِ قَبْلَ الإكراه بلفظ: ((لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تَقتَتِلَ فئتانِ دعواهُمَا واحدةٌ)) [خ¦6935] ومعنى: (دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ) أي يَدَّعِيَانِ الإسلامَ وتتأوَّلُ كلُّ فرقةٍ أنَّها محقَّةٌ وهي كذلك لتأويلِها.
          وقولُه: (يُقْبَضُ العِلْمُ) أي يموتُ حَامِلُوه، ومعنى: (لَا أَرَبَ لِي فِيْهِ) لا حاجة. وقولُه: (يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي البُنْيَانِ) يريدُ أهلَ الباديةِ.
          وقوله: (يُلِيطُ حَوْضَهُ) أي يُصلِحُه ويُطيِّنُهُ، كذا وقع رُبَاعيًّا مِن ألاطَ، وكان عُمَرُ يُلِيطُ أولادَ الجاهليَّة بآبائِهم، وفي روايةٍ: لِمَنِ ادَّعاهم في الإسلام. أي يُلْحِقُهُم به، مِن أَلَاطَ يُلِيطَ إذا أَلْصَقَهُ به ولاطَ حُبُّهِ بقلبِي يَلِيطُ ويَلُوطُ ليطًا ولَوْطًا ولِيَاطَةً، وهو أَلْيَطُ بالقلبِ وأَلْوَطُ، وعبارة الجَوْهَرِيِّ: لُطْتُ الحوضَ بالطِّين لَوْطًا أي طيَّنْتُهُ، وفي «غريبي الهَرَوِيِّ»: كلُّ شيء لَصِق بشيءٍ فقد لاطَ بهِ يَلُوطُ لَوْطًا ويَلِيطُ لَيْطًا، فهو يصحُّ على هذا، ويكون بفتْحِ الياء لكنَّهم رَوَوْهُ بِضَمِّها، ورَوَى الفرَّاء أنَّ يَلِيطُ لُغَةٌ.
          فَصْلٌ: وقولُه في آخِرِه: (وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُهَا) هو بضمِّ الهمزةِ، والأُكْلَةُ بالضَّمِّ اللُّقمةُ، وبالفتْحِ المرَّةُ الواحدةُ حتَّى يَشْبَعَ؛ قال ابنُ التِّين: وقرأناه بِضَمِّ الهمزةِ يعني اللُّقمة.
          وقولُه: (وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انَصْرفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ) هو بكسْرِ اللَّامِ، وكذا ضَبَطهُ الدِّمْياطِيُّ، وقال ابنُ التِّين: رُوِّيناه بالفتْحِ، والذي في كُتُبِ أهلِ اللُّغَةِ بالكسْرِ على أنَّ في «الغريبين» عن ابنِ السِّكِّيت: لِقحةٌ ولَقحةٌ، وفي «الصِّحاح»: اللِّقْحَةُ اللَّقُوح، قال عن أبي عَمْرٍو: إذا فُتِحَتْ فهي لَقُوحٌ بالفَتْحِ شَهْرين أو ثلاث، ثمَّ هي لَبُونٌ بعدَ ذلك.
          فَصْلٌ: هذا كلُّهُ إخبارٌ منه ◙ بما يفجَأُ النَّاس حتَّى لا يُتِمَّ أحدٌ ما يبدأُهُ مِن نَشْرِ الثَّوبِ فلا يُطوَى، ولَيْطِ الحوضِ، فتُعاجِلُهُ السَّاعةُ قبل تمامِه، وأقربُ مِن ذلك رفْعُ اللُّقمَةِ إلى فِيهِ قَبْلَ أن يَطعَمَها.