التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا بقي في حثالة من الناس

          ░13▒ بَابٌ إِذَا بَقِيَ فِي حُثَالَةٍ مِن النَّاس
          7086- ذَكَرَ فيه حديثَ حُذَيفةَ ☺: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلعم حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ، حَدَّثَنَا: (أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ) الحديثَ بِطُولِه، وسلف في الرِّقَاق سندًا ومتنًا سواءٌ، فراجعه [خ¦6497].
          وهو من أعلام نُبَوَّتِهِ لأنَّ فيه الإخبارَ عن فسادِ أديانِ النَّاسِ وقلَّةِ أمانتِهم في آخِرِ الزَّمانِ، ولا سبيلَ إلى معرفةِ ذلك قَبْلَ كونِه إلَّا مِن طريقِ الوحي، وهذا كقولِه ◙: ((بدأ الإسلامُ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ)) ورَوَى ابنُ وَهْبٍ عن يعقُوبَ بنِ عبد الرَّحمن عن عُمَرَ مولى المُطَّلِب عن العلاء بنِ عبدِ الرَّحمنِ / عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسولُ الله صلعم لعبدِ الله بن عَمْرٍو: ((كيف بكَ يا عبدَ الله إذا بقِيتَ في حُثَالةٍ مِن النَّاسِ قد مَرِجَتْ عهودُهم وأمانتًهم واختلفوا فصاروا هكذا؟)) وشبَّكَ بين أصابعِه، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، فما تأمرُنِي؟ قال: ((عليكَ بخاصَّتِك ودعْ عنك عوامَّهم)).
          ومِن هذا الحديثِ ترجمَ البُخَارِيُّ البابَ وأَدْخَلَ معناه في حديثِ حُذَيفةَ، ولم يَذكر الحديثَ بنصِّ التَّرجمةِ لأنَّه لم يخرِّج عن العلاءِ في كتابِه شيئًا، وقد سبق التَّنبيهُ عليه هناك أيضًا.
          فَصْلٌ: سَلَفَ هناك أنَّ الجذْرَ بفتْح الجيمِ وكسْرِها محكيٌّ.
          وقولُه: (ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ) يعني الصَّحابةَ.
          وقولُه: (وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا) فقال: ((أوَّلُ ما يُرْفع مِن هذِه الأُمَّةِ الأمانةُ، وآخِرُ ما يبقى الصَّلاة)).
          وقولُه: (مَا كُنْتُ أُبَايعُ إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا) يَذكُرُ أنَّه يَبقَى الخيرُ في بعضِ النَّاس، وهو دالٌّ أنَّ الخيرَ يتلاشى شيئًا فشيئًا.
          وقولُه: (مَا أَظْرَفَهُ) أي ما أَذْكَى قَلْبَه.
          فَائِدةٌ: مات حُذَيفةُ سنةَ ستٍّ وثلاثينَ بعد موتِ عُثْمانَ ☻ بأشهُرٍ.