التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ما جاء في الغرس

          ░21▒ (بَابُ: مَا جَاءَ فِي الغَرْسِ)
          2349- ذكر حديثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: (أَنَّهُ قَالَ: إن كنا نَفْرَحُ بيَوْمَ الجُمُعَةِ، كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ سِلْقٍ...) الحديث.
          2350- وحديثَ أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: (يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ، وَاللهُ المَوْعِدُ...) إلى آخره.
          تقدَّمَا: الأوَّل في الصَّلاة [خ¦938]، والثَّاني في البيع [خ¦2047].
          و(المَوْعِدُ) بفتح الميم، أي حسيبُ مَنْ يقول، وهناك يَعلم صدقي ويجازيني.
          وفيه: عملُ الصَّحابة في الحرث والزَّرع بأيديهم وخدمةُ ذلك بأنفسهم، ألَا ترى قولَ أبي هُرَيرَةَ: (وَإِنَّ إِخْوَانِي مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ)، وَكذلك المرأةُ العجوزُ كانت تغرس السِّلْقَ لرسول الله _صلعم_ وأصحابه، ففي هذا أنَّ الامتهان في طلبِ المعاش للرِّجال والنِّساء مِنْ فِعل الصَّالحين، وأنَّه لا عارَ فيه ولا نقيصة على أهل الفضل، وفيه إجابة المرأة الصَّالحة إلى الطَّعام، وفيه دليلٌ على التَّهجير بالجمعة والمبادرةِ إليها عند أوَّل الزَّوال، وإنَّما كانوا يشتغلون بالغُسل ومراعاة التَّهجير عن قائِلَتِهم المعروفةِ في سائر الأيَّام، فلا يجدون السَّبيل إليها إلَّا بعد الصَّلاة؛ لا أنَّهم كانوا يُصلُّونَها قبل الزَّوال كما ظنَّ بعضُهم وخالف قوله _تعالى_: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء:78].