التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ما يكره من الشروط في المزارعة

          ░12▒ (بَابُ: مَا يُكْرَهُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي المُزَارَعَةِ)
          2332- ذكر فيه حديثَ رافعٍ قَالَ: (كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ المَدِينَةِ حَقْلًا، وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي أَرْضَهُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ القِطْعَةُ لِي وَهَذِهِ لَكَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلعم).
          هذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا.
          والحَقْلُ بفتح الحاء القَراحُ الطَّيِّبُ، وقيل: هَو الزَّرع إذا أينعتْ ثمرته، عن ابن فارسٍ: زاد الخليل: مِنْ قَبْلِ أن تغلُظَ سوقُهُ. وهذا الوجه المنهيُّ عنه في هذا الحديث لا خلاف بين العلماء أنَّه لا يجوز؛ لأنَّ ذلك غَررٌ مجهولٌ، وهذِه المزارعة المنهيُّ عنها، وإنَّما اختلفوا في المزارعة بالثُّلث والرُّبع ممَّا تُخرِج الأرضُ على ما تقدَّم قبل هذا.
          قال ابن المُنْذِرِ: وجاء في الحديثِ العلَّةُ الَّتِي نهى الشَّارع مِنْ أجلها عن كِراء الأرض وعن المخابَرة، وهي اشتراطُهم أنَّ لِرَبِّ الأرض ناحيةً منها.
          وممَّا لا يجوز في المزارعة عند مالكٍ أن يجتمع معنيان في جملةٍ واحدةٍ، وهو أنْ يُخرِج صاحبُ الأرضِ البَذْرَ فيجتمع له بذرُه وأرضُه، فَلا يجوز، فيكون للعامل أُجرة عَمَلِه وَرَوْحِهِ، ويكون الزَّرع لصاحب الأرض والبَذْر، وكذلك لو اجتمع للعامل البَذْرُ والعملُ كانت المزارعةُ فاسدةً، وكان عليه كِراء الأرض لصاحب الأرض والزَّرعُ كلُّه للعامل.