التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا لم يشترط السنين في المزارعة

          ░9▒ (بَابُ: إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ السِّنِينَ فِي المُزَارَعَةِ)
          2329- ذكر فيه حديثَ ابن عمر: (عَامَلَ النَّبِيُّ _صلعم_ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَو زَرْعٍ).
          ثم قال:
          ░10▒ (بَابٌ)
          2330- (حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو: قُلْتُ لِطَاوُسٍ: لَو تَرَكْتَ المُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ _صلعم_ نَهَى عَنْهُ، قَالَ أَيْ عَمْرٌو: إِنِّي أُعْطِيهِمْ وَأُغْنِيهِمْ، وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ أَخْبَرَنِي _يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ_ أَنَّ النَّبِيَّ _صلعم_ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ: أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا مَعْلُومًا).
          ثمَّ قال:
          ░11▒ (بَابُ: المُزَارَعَةِ مَعَ اليَهُودِ)
          2331- ثمَّ ساق حديثَ ابْنِ عُمَرَ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ _صلعم_ أَعْطَى خَيْبَرَ اليَهُودَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا).
          وقدْ أسلفنا في الباب اختلافَ العلماء في المزارَعة بغير أجَلٍ، وذكرنا حَديث: ((نُقِرُّكم مَا شئنا))، وفي ذلك دليلٌ على إجازة دفع النَّخلِ مساقاةً، والأرضِ مزارعةً مِنْ غير ذكر سنينَ معلومةٍ، فتكون لصاحب النَّخل والأرض، وقولُ أبي ثورٍ السَّالفُ حسنٌ؛ لأنَّ معاملته _◙_ اليهودَ بشطر ما يخرج منها يقتضي سَنَةً واحدةً حتَّى يبيِّن أكثر منها، فلم تقع المدَّة إلَّا معلومةً، وسيأتي له تتمَّةٌ في باب: إذا قال ربُّ الأرض: أُقِرُّكَ ما أَقَرَّكَ الله [خ¦2338] بعدُ.
          والمساقاةُ جائزةٌ عند الأئمَّة خلافًا لأبي حَنيفة، وتجوزُ بشرط أنْ تكون المدَّة معلومةً ونصيبُ العامل معلومًا، ومالكٌ يُجيزها إذا قال بالنِّصف أو بالرُّبع كلَّ عامٍ، وكذلك في أَكْرِيَةِ الدُّور وغيرِها خلافًا للشَّافعيِّ.
          واختَلف قولُ مالكٍ في «المدوَّنة» إذا قال: احصدْ زرعي بنصفِهِ، هل يلزمه ذلك وتكون إجارةً أو جِعالةً؟
          وقول عمرٍو لطاوسٍ: (لَوْ تَرَكْتَ الْمُخَابَرَةَ) قد أسَلفناها، وهو ظاهرٌ في جوازها، وأنَّ المختار جوازُها، وهي: كِراء الأرض ببعض ما يخرج منها، قال ابن الأعرابيِّ: أصلُها مِنْ معاملة خيبرَ؛ لأنَّه _◙_ كان أقرَّها في أيدي أهلها عَلى النِّصف، فقيل: خابَرَهم، أي عامَلَهم في خيبرَ، وتنازعوا فَنُهِي عن ذلك، ثمَّ جَازتْ بعدُ.
          وقوله: (أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ) هَو بفتح النُّون وكسرها كما شاهدتُه بخطِّ الدِّمْياطيِّ، وقال: معًا، وهما في «الصِّحاح».
          وقوله: (خَرْجًا) أي أجرًا، مِثل قوله _تعالى_: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا} [المؤمنون:72]، وقال الأَزهريُّ: الخراج يقع على الضَّريبة، وعلى مال الفَيء والجِزية، وعلى الغلَّة، والخَراجُ: اسمٌ لما يخرج في الفرائض في الأموال، والخَرْجُ: المصدرُ. /