شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين

          ░25▒ باب: إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ يُصَلِّي(1) / رَكْعَتَيْنِ.
          وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ وَمَنْ كَانَ(2) فِي الْبُيُوتِ وَالْقُرَى، لِقَوْلِ النَّبيِّ صلعم(3): ((هَذَا عِيدُنَا أَهْلَ الإسْلامِ))، وَأَمَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَوْلاهُمُ(4) ابْنَ أَبِي عُتْبَةَ بِالزَّاوِيَةِ، فَجَمَعَ أَهْلَهُ وَبَنِيهِ، فَصَلَّى كَصَلاةِ أَهْلِ الْمِصْرِ وَتَكْبِيرِهِمْ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَهْلُ السَّوَادِ يَجْتَمِعُونَ(5) فِي الْعِيدِ، يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ، كَمَا يَصْنَعُ الإمَامُ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
          فيه: عَائِشَةُ: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنَى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ(6) وَالنَّبِيُّ صلعم مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ صلعم عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ(7): دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ). [خ¦987] [خ¦988]
          اختلفَ العلماءُ فيمن فاتته صلاة العيد مع الإمام(8)، فقالت طائفةٌ: يصلِّي ركعتين مثل صلاة الإمام، رُوي ذلك عن عطاءٍ والنَّخعيِّ والحسن وابن سيرين، وهو قول مالكٍ والشَّافعيِّ وأبي ثورٍ، إلَّا أنَّ مالكًا قال: يُستحبُّ(9) له ذلك من غير إيجابٍ، وقال الأوزاعيُّ: يصلِّي ركعتين ولا يجهر بالقراءة ولا يكبِّر تكبير الإمام وليس بلازمٍ. وقالت طائفةٌ: يصلِّيها إن شاء(10) لأنَّها إنَّما تصلَّى ركعتين إذا صلِّيت مع الإمام بالبروز لها كما على من لم يحضر الجمعة مع الإمام(11) أن يصلِّي(12) أربعًا، رُوي ذلك(13) عن عليٍّ وابن مسعودٍ وبه قال الثَّوريُّ وأحمد. وقال أبو حنيفة: إن شاء صلَّى وإن شاء لم يصلِّ، فإن صلَّى صلَّى أربعًا(14) وإن شاء ركعتين، وقال إسحاق: إن صلَّى في الجَبَّان صلَّى كصلاة الإمام، وإن لم يُصل في الجَبَّان صلَّى أربعًا، وأولى الأقوال بالصَّواب أن يصلِّيها(15) كما سنَّها رسول الله صلعم وهو الَّذي أشار إليه البخاريُّ، واستدلَّ على ذلك بقوله صلعم: (هَذا عِيدُنا أهلَ الإسلامِ)، و(إِنَّها أيَّام ُعيدٍ)، وذلك إشارةٌ إلى الصَّلاة، وقد أَبَان ذلك صلعم بقوله: ((أوَّلُ(16) نُسكِنا في يومِنا هذا أنْ نصلِّي ثمَّ ننحرَ فمَنْ فعلَ ذلكَ فقدْ أصابَ سُنَّتَنا))، فمن صلَّى كصلاة الإمام فقد أصاب السُّنَّة.
          واتَّفق مالكٌ والكوفيُّون والمُزنيُّ على أنَّه لا يُصلِّي(17) صلاة العيد في غير يوم العيد، وقال الشَّافعيُّ في أحد قوليه: إنَّها تقضى من الغدوِّ(18)، واحتجَّ عليه المُزنيُّ(19)، فقال: لمَّا كان ما(20) بعد الزَّوال أقرب منها(21) من اليوم الثَّاني، وأجمعوا أنَّها لا تُصلَّى إلَّا قبل الزَّوال، فأحرى(22) ألَّا تُصلَّى من الغد وأبعد(23).


[1] في (ق): ((فصلى)).
[2] قوله: ((كان)) ليس في (م) و(ق).
[3] في (ص): ((لقوله ◙)).
[4] في (ص): ((أنس بن بكر مولى هم)).
[5] في (م): ((يجمعون)).
[6] قوله: ((وتضربان)) ليس في (م) و(ق).
[7] في (م) و(ق): ((وقال)).
[8] قوله: ((مع الإمام)) ليس في (ص).
[9] في (م): ((استحب))، و في (ق): ((مالكًا استحب)).
[10] في (م) و(ق): ((يصليها أربعًا)).
[11] في (ق): ((إمام)).
[12] في (م) و (ق): ((يصليها)).
[13] في (م) و (ق): ((هذا)).
[14] في (م) و (ق): ((أربع ركعات)).
[15] في (م): ((يصلي)).
[16] في (م): ((وإن)).
[17] في (ق) و(م) و(ص): ((تصلى)).
[18] في (ز): ((الغدوِّ)) والمثبت من باقي النسخ. في (ص): ((الغد)).
[19] في (م) و (ق): ((واحتج المزني على الشافعي فقال)).
[20] في (ق): ((من)).
[21] في (م) و (ق): ((أقرب إلى وقتها)).
[22] في (ق): ((وأحرى)).
[23] في (م) و (ق): ((وهو أبعد)).