شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الخطبة بعد العيد

          ░8▒ باب: الْخُطْبَةِ بَعْدَ الْعِيدِ.
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: (شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رسول الله صلعم(1)، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ(2) قَبْلَ الْخُطْبَةِ). [خ¦962]
          وفيه: ابْنُ عُمَرَ قَالَ: (كَانَ النَّبيُّ صلعم، وَأَبُو(3) بَكْرٍ، وَعُمَرُ، يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ). [خ¦963]
          وفيه: الْبَرَاءُ أنَّ النَّبِيَّ صلعم قال: (أَوَّلُ(4) مَا نَبْدَأُ به فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ونَرْجِعَ(5) فَنَنْحَرَ) الحديث. [خ¦965]
          قد تقدَّم أنَّ الصَّلاة قبل الخطبة هو إجماعٌ من العلماء، وذكرنا من قدَّم الخطبة قبل الصَّلاة من السَّلف(6). [خ¦956] وقال أشهب في «المجموعة»: من(7) بدأ بالخطبة قبل الصَّلاة أعادها بعد الصَّلاة، فإن لم يفعل أجزأه وقد أساء، قال مالكٌ: والسُّنَّة تقديم الصَّلاة قبل الخطبة، وبذلك عمل رسول الله صلعم وأبو(8) بكر وعمر وعثمان صدرًا من ولايته.
          وقد غلط النَّسائيُّ في حديث البراء وترجم له باب الخطبة قبل الصَّلاة، واستدلَّ على ذلك من قوله ◙: (أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ به فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثمَّ نَنْحَرَ)، وتأوَّل أنَّ قوله هذا كان قبل الصَّلاة؛ لأنَّه كيف يقول: / (أَوَّلُ مَا نَبْدَأَ بِهِ أَنْ نُصَلِّيَ) وهو قد صلَّى، وهذا(9) غلطٌ لأنَّ العرب قد تضع الفعل المستقبل مكان الماضي؛ فكأنَّه قال صلعم: أوَّل ما يكون الابتداء به في هذا اليوم الصَّلاة التي قدَّمنا فعلها وبدأنا بها، وهو مثل قوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللهِ}[البروج:8]، والمعنى وما نقموا منهم إلَّا الإيمان المتقدِّم منهم، وقد بيَّن ذلك في باب(10) استقبال الإمام النَّاس في خطبة العيد فقال: ((إنَّ أوَّلَ نُسُكِنا في يومِنا هذا أَنْ نَبدَأَ بالصَّلاةِ)). والسِّخاب قلادةٌ من قرنفل وسُكٍّ ليس فيها جوهرٌ، قال ابن دريدٍ: والجمع(11) سُخُبٌ.


[1] في (ص): ((مع النَّبيِّ ◙)).
[2] زاد في (م): ((العيدين)).
[3] في (ص): ((كان ◙ وأبي)).
[4] في (م): ((إن أول)).
[5] في (م): ((ثم)).
[6] قوله: ((من السلف)) ليس في (ق).
[7] في (م) و (ق): ((إن)).
[8] في (ص): ((وأبي)).
[9] قوله: ((هذا)) ليس في (ص).
[10] قوله: ((باب)) ليس في (ق).
[11] قوله: ((والجمع)) ليس في (ص).