شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما يكره من حمل السلاح في العيد والحرم

          ░9▒ باب: مَا يُكْرَهُ مِنْ حَمْلِ السِّلاحِ فِي الْعِيدِ وَالْحَرَمِ.
          قَالَ(1) الْحَسَنُ: نُهُوا أَنْ يَحْمِلُوا السِّلاحَ يَوْمَ العِيد، إِلَّا أَنْ يَخَافُوا عَدُوًّا.
          فيه: سَعِيد بْن جُبَيْرٍ أنَّهُ(2) قَالَ: كُنْتُ مَعَ(3) ابْنِ عُمَرَ حِينَ أَصَابَهُ سِنَانُ الرُّمْحِ فِي أَخْمَصِ قَدَمِهِ، فَلَزِقَتْ قَدَمُهُ(4) بِالرِّكَابِ، فَنَزَلْتُ فَنَزَعْتُهَا، وَذَلِكَ بِمِنًى، فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ، فَجَاء يَعُودُهُ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ(5): لَوْ نَعْلَمُ مَنْ أَصَابَكَ؟ فَقَالَ(6) ابْنُ عُمَرَ: أَنْتَ أَصَبْتَنِي، قَالَ: وَكَيْفَ؟! قَالَ: حَمَلْتَ السِّلاحَ فِي يَوْمٍ لَمْ يَكُنْ(7) يُحْمَلُ فِيهِ، وَأَدْخَلْتَ(8) السِّلاحَ في الْحَرَمَ، وَلَمْ يَكُنِ السِّلاحُ(9) يُدْخَلُ الْحَرَمَ. [خ¦966]
          وقالَ مرَّةً: حَملت السِّلاحَ فِي يَوْمٍ لا يَحِلُّ فِيهِ حَمْلُهُ(10). [خ¦967]
          قول ابن عمر: (حَمَلْتَ السِّلاحَ فِي يَومٍ لَمْ يَكُنْ يُحْمَلُ فِيْهِ) يدلُّ(11) أنَّ حملها(12) ليس من شأن العيد، وحملها(13) في المشاهد التي لا يحتاج إلى الحرب(14) فيها مكروهٌ؛ لما يُخشى فيها(15) من الإيذاء(16) والعقر(17) عند تزاحم النَّاس، وقد قال(18) صلعم للَّذي رآه يحمل نبلًا في المسجد: ((أَمسِك بِنِصَالها لا تَعقِرَنَّ بها مُسلِمًا)). فإن خافوا عدوًا فمباحٌ حملها كما قال الحسن.
          قال المُهَلَّب: وقد أباح الله تعالى حمل السِّلاح في الصَّلاة عند الخوف، فقال تعالى: {خُذُواْ حِذْرَكُمْ}[النساء:71]وأسلحتكم.
          وقوله: (أَمَرتَ بِحَمْلِ السِّلاحِ في الحرَمِ ولم يكنْ يُدْخَلُ فِيهِ) إنَّما ذلك للأمن الَّذي جعله الله لجماعة المسلمين فيه لقوله تعالى(19): {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}[آل عِمْرَان:97].
          وقول ابن عمر للحجَّاج: (أَنتَ أَصَبْتَني) دليلٌ على(20) قطع الذَّرائع؛ لأنَّه لامه على ما أدَّاه(21) إلى أذاه، وإن كان لم يقصد الحجَّاج ذلك.


[1] في (ق) و (م): ((وقال)).
[2] قوله: ((أنه)) ليس في (ق).
[3] في (م) و (ق): ((عند)).
[4] قوله: ((قدمه)) ليس في (ق).
[5] قوله: ((الحجاج)) ليس في (م).
[6] في (م) و(ق): ((قال)).
[7] قوله: ((يكن)) ليس في (ق).
[8] في (ص): ((فأدخلت)).
[9] قوله: ((السلاح)) ليس في (م) و (ق).
[10] في (ص): ((لا يحلُّ حمله فيه)).
[11] في (ص): ((فدلَّ)).
[12] في (ق): ((حمله)).
[13] في (م) و(ق): ((وكذلك حملها)).
[14] في (ص): ((الحمل)).
[15] في (م) و(ق): ((بها)).
[16] في (ي) و (م) و(ص): ((الأذى)).
[17] صورتها في (ز): ((والعسر)).
[18] زاد في (م): ((النبي)).
[19] في (م) صورتها: ((بقوله)).
[20] زاد في (م) و(ق): ((صحة)).
[21] في (م) و(ق): ((آل)).