شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الحراب والدرق يوم العيد

          ░2▒ باب: الْحِرَابِ وَالدَّرَقِ يَوْمَ الْعِيدِ.
          فيه: عَائِشَة قَالَتْ(1): (دَخَلَ عَلَيَّ النَّبيُّ صلعم(2)، وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ على الْفِرَاشِ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ(3) أَبُو بَكْرٍ، فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم! فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلعم، فَقَالَ: دَعْهُمَا، فَلَمَّا غَفَلَ، غَمَزْتُهُمَا، فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَّ اللهِ صلعم، وَإِمَّا قَالَ: تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي على خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ: دُونَكُمْ(4) بَنِي أَرْفِدَةَ، حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَالَ: حَسْبُكِ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاذْهَبِي). [خ¦949] [خ¦950]
          حمل الحراب والسِّلاح(5) يوم العيد لا مدخل له عند العلماء في سنَّة العيد، ولا في هيئة الخروج إليه، ولا استحبَّه أحد من العلماء، ولا ندب إليه، و(6) يمكن أن يكون النَّبيُّ صلعم(7) محاربًا خائفًا من بعض أعدائه، فرأى الاستعداد والتأهُّب بالسِّلاح، وإذا كان كذلك فهو جائزٌ عند العلماء، ولعب الحبشة(8) ليس فيه أنَّ النَّبيَّ صلعم خرج بها في العيد، ولا أمر أصحابه بالتأهُّب بها، ولم تكن الحبشة للنَّبيِّ صلعم حشدًا(9) ولا أنصارًا، وإنَّما هم قومٌ يلعبون.
          وفائدة هذا الحديث إباحة النَّظر إلى اللهو إذا كان فيه تدريب للجوارح على تقليب السِّلاح لتخفَّ الأيدي بها في الحرب. وفيه ما كان النَّبيُّ صلعم عليه من(10) الخلق الحسن وما ينبغي للمرء أن يمتثله مع أهله من إيثاره(11) مسارَّهم فيما لا حرج عليهم(12) فيه.


[1] قوله: ((قالت)) ليس في (ص).
[2] في (م) و (ق): ((دخل النبي صلعم علي)).
[3] في (م): ((فدخل)).
[4] زاد في (م) و (ق): ((يا)).
[5] في (ص): ((السِّلاح والحراب)).
[6] زاد في (ق) و(م): ((قد)).
[7] في (ص): ((أن يكون ◙)).
[8] زاد في (م) و (ق): ((بالحراب)).
[9] في (ق): ((جندًا)).
[10] في (م) و (ق) و(ص): ((ما كان [زاد في (ق) و(ص): ((النبي)).] ◙ من)).
[11] في (م) و (ق): ((إتيان)).
[12] في (م) و(ق): ((عليه)).