شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الأكل يوم النحر

          ░5▒ باب: الأكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ.
          فيه: أَنَس قَالَ النَّبيُّ صلعم: (مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ، فَلْيُعِدْ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ، وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ، فَكَأَنَّ النَّبِيَّ صلعم صَدَّقَهُ، فقَالَ: وَعِنْدِي(1) جَذَعَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ(2)، فَرَخَّصَ لَهُ النَّبيُّ صلعم). [خ¦954]
          وفيه: الْبَرَاءِ: (خَطَبَ(3) النَّبِيُّ صلعم يَوْمَ الأضْحَى بَعْدَ الصَّلاةِ، فَقَالَ: مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلا نُسُكَ لَهُ) فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ _خَالُ الْبَرَاءِ_: (يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَسَكْتُ شَاتِي قَبْلَ الصَّلاةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ ما(4) تُذْبَحُ فِي بَيْتِي، وَتَغَدَّيْتُ(5) قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلاةَ، قَالَ: شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا(6) جَذَعَةً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ أفَتَجْزِئُ(7) عَنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِئ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ(8)). [خ¦955]
          وأمَّا(9) يوم النحر فهو يوم أكلٍ كما قال أبو بُرْدَة، إلَّا أنَّه لا يُستحبُّ فيه الأكل قبل الغدوِّ إلى الصَّلاة، ولا يُنهى عنه؛ ألا ترى أنَّ النَّبيَّ صلعم في حديث البراء لم يحسِّن أكله ولا عنَّفه عليه، وإنَّما أجابه عمَّا به الحاجة إليه من سنَّة الذَّبح وعذره في الذَّبح لمِا قصده من إطعام جيرانه لحاجتهم، فلم يرَ النَّبيُّ صلعم(10) أن يخيِّب فعلته الكريمة، وأجاز له أن يضحِّي بالجذعة(11) وهي لا تجزئ في الضَّحايا عن أحدٍ غيره. فبين الفطر والأضحى في الأكل قبل الصلاة فرقٌ(12): الأكل في الفطر ليفصل(13) بين الصِّيام وبين الصَّلاة بالأكل، والثَّاني(14) في الأضحى مباحٌ، إن فُعل فحسن وإن لم يُفعل فحسن؛ لأنَّه ليس قبله صيامٌ يحتاج إلى فصله. والعناق الأنثى من المعز، عن الخليل.


[1] زاد في (م) و (ق): ((عناق)).
[2] في (م): ((من شاتين)).
[3] في (م) و (ق): ((خطبنا)).
[4] قوله: ((ما)) ليس في النسخ والمثبت من المطبوع وهو الصحيح.
[5] صورتها في (ز): ((وانغديت)) والمثبت من باقي النسخ.
[6] في (ص) لعلَّها: ((فلنا)).
[7] في (ص): ((فتجزئ)).
[8] قوله: ((فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ،... أَحَدٍ بَعْدَكَ)) ليس في (م) و (ق). وبدله قوله: ((الحديث)).
[9] في (م) و (ق): ((أما)).
[10] في (م) و (ق): ((فلم يرد النبي)). في (ص): ((فلم ير ◙)).
[11] في (م): ((بالجذعة)) غير واضحة.
[12] في (ق): ((وفرق)).
[13] في (ز) و (ي) و(ص): ((قبل الصَّلاة فرقين: الواحد ليفصل)) والمثبت من (م) و(ق).
[14] في (م) و (ق): ((والأكل)).