شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب التبكير إلى العيد

          ░10▒ باب: التَّبْكِيرِ للعِيدِ.
          وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُسْرٍ: إِنْ كُنَّا(1) فَرَغْنَا فِي هَذِهِ(2) السَّاعَةِ وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ.
          وفيه(3) الْبَرَاءُ: (خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلعم، يَوْمَ النَّحْرِ فقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ(4) فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ(5)). [خ¦968]
          أجمع الفقهاء أنَّ العيد لا يُصلَّى قبل طلوع الشَّمس ولا عند طلوعها، فإذا ارتفعت الشَّمس وابيضَّت وجازت(6) صلاة النَّافلة فهو وقت العيد(7)؛ ألا ترى قول عبد الله بن بُسْرٍ: (وَذَلِكَ حينَ التَّسْبِيحِ) أي حينَ(8) الصَّلاة، فدلَّ أنَّ صلاة العيد سُبحة ذلك اليوم فلا تُؤخَّر عن وقتها لقوله صلعم: (أوَّلُ ما نَبدَأُ بِهِ في يومِنا هذا(9) الصَّلاةُ)، ودلَّ ذلك على التَّبكير بصلاة العيد كما ترجم به(10) البخاريُّ، إلَّا أنَّ مالكًا قال: وقت صلاة العيد ممتدٌّ إلى الزَّوال(11).
          واختلفوا في وقت الغُدُوِّ إلى العيد، فكان عبد الله بن عُمَر يصلِّي الصُّبح ثمَّ يغدو(12) كما هو إلى المصلَّى، وفعله سعيد بن المسيِّب، وقال إبراهيم: كانوا يصلُّون الفجر وعليهم ثيابهم يوم العيد، وعن أبي مجلزٍ مثله. وفيها قولٌ آخر رُوي عن رافع بن خَدِيجٍ أنَّه كان يجلس في المسجد مع بنيه، فإذا طلعت الشَّمس صلَّى(13) ركعتين، ثمَّ يذهبون إلى(14) الفطر والأضحى، وكان عروة لا يأتي العيد حتَّى تستقلَّ الشَّمس، وهو قول عطاءٍ والشَّعبيِّ. وفي «المدوَّنة» عن مالكٍ: يغدو من داره أو من المسجد إذا طلعت الشَّمس. وقال عليُّ بن زياد عنه: ومن غدا إليها قبل طلوع الشِّمس فلا بأس(15) ولكن لا يكبِّر حتَّى تطلع الشَّمس(16)، ولا ينبغي للإمام أن يأتي المصلَّى حتَّى تحين الصَّلاة. وقال الشَّافعيُّ: يُرَى في المصلَّى حين تبرز الشَّمس في الأضحى، ويُؤخِّر الغدوَّ في الفطر عن ذلك قليلًا، وحديث البراء / دليلٌ للقول الأوَّل؛ وذلك أنَّ(17) قوله: (أَوَّلُ(18) مَا نَبْدَأُ به فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ) يدلُّ أنَّه لا يجب(19) أن يشتغل بشيءٍ غير التَّأهُّب للعيد والخروج إليه، وأن لا يُفعل(20) قبل صلاة العيد شيءٌ(21) غيرها(22).


[1] زاد في (ي): ((قد)).
[2] في (م): ((إن كنا قد عرفنا هذه))، و في (ق): ((إن كنا قد فرغنا في هذه)).
[3] في (ق) و (م): ((فيه)).
[4] قوله: ((به)) ليس في (ق).
[5] قوله: ((فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ.... النُّسُكِ فِي شَيْءٍ)) ليس في (م) و(ق)، وبدله قوله: ((الحديث)).
[6] في (م) و(ق): ((وحلت)).
[7] في (ق): ((للعيد)).
[8] في (ص): ((حيث)).
[9] قوله: ((في يومنا هذا)) ليس في (م) و(ق).
[10] قوله: ((به)) ليس في (م) و(ق).
[11] قوله: ((إلا أن مالكًا قال: وقت صلاة العيد ممتد إلى الزوال)) ليس في (ق).
[12] في (ص): ((يغدوا)).
[13] في (م): ((صلوا)). في (ص): ((فإذا طلع الفجر صلَّى)).
[14] في (م) و(ق): ((في)).
[15] قوله: ((فلا بأس)) ليس في (ص).
[16] قوله: ((الشمس)) ليس في (ق).
[17] في (ز) و(ي): ((ودلَّ)) والمثبت من (م) و(ق).
[18] في (ي): ((أن)).
[19] في (م) و(ق): ((لا ينبغي)).
[20] في (ق): ((يبدأ)). في (ص): ((وقيل)) بدل قوله: ((وذلك أنَّ)).
[21] في (ق): ((بشيء)).
[22] في (م): ((غير هذا)).