عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة
  
              

          ░25▒ (ص) بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمُثْلَةِ وَالْمَصْبُورَةِ وَالْمُجَثَّمَةِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان كراهة (المُثْلَةِ) بِضَمِّ الميم، وهي قطع أطراف الحيوان أو بعضها، يقال: مَثَل بالحيوان يَمْثُل مَثْلًا كـ(قَتَل يَقْتُل قَتْلًا) إذا قطع أطرافه أو أنفه أو أذنه ونحو ذلك، و(المُثْلَة) الاسم.
          قوله: (وَالْمَصْبُورَةُ) هي الدابَّة التي تُحبَس وهي حيَّةٌ لتُقْتَل بالرمي ونحوه، (وَالْمُجَثَّمَةُ) بالجيم والثاء المُثَلَّثة المفتوحة التي تُجثَّم ثُمَّ تُرمَى حَتَّى تُقتَل، وقيل: إنَّها في الطير خاصَّةً والأرنب وأشباه ذلك، وقال الخَطَّابيُّ: المجثَّمة هي المصبورة بعينها، وقال: بين المجثَّمة والجاثمة فرقٌ؛ لأنَّ الجاثمة: هي التي جثمت بنفسها فإذا صِيدَتْ على تلك الحال لم تُحرَم، والمجثَّمة: هي التي رُبِطَت وحُبِسَت قهرًا، وروى التِّرْمِذيُّ مِن حديث أبي الدَّرْدَاء قال: نهى رسولُ الله صلعم عن أكل المجثَّمة، وهي التي تُصبَر بالنبل، وقال: حديثٌ غريبٌ، وهو من أفراده، وروى التِّرْمِذيُّ أيضًا مِن حديث العِرباض بن سارية: أنَّ رسول الله صلعم نهى يومَ خَيبرَ عن كلِّ ذي نابٍ مِنَ السَّبع، وعن كلِّ ذي مِخلَبٍ مِنَ الطير، وعن لحوم الحمر الأهليَّة، وعن المجثَّمة، وعن الخَليسة، وأن توطَأ الحُبالى حَتَّى يضعْنَ ما في بطونهنَّ، قال مُحَمَّد بن يحيى هو شيخ التِّرْمِذيِّ في هذا الحديث: سُئل أبو عاصمٍ عنِ المجثَّمة، فقال: أن يُنصب الطير أو الشيءُ فيُرمى، وسُئل عن الخَليسَةِ فقال: الذئب أو السَّبع يدركُه الرجلُ، فيأخذ منه فيموت في يدِه قبل أن يُذكِّيها.
          قُلْت: (الخَلِيْسة) بفتح الخاء المُعْجَمة وكسر اللَّام وسكون الياء آخر الحروف وبسين مُهْمَلةٍ، وهي (فَعيلة) بمعنى (مَفعولة)، و(الجُثُوم) مِن جثم الطائر جُثومًا؛ إذا لزِمَ الأرض والتصق بها، وهو بمنزلة البُرُوك للإبل.