مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب خادم المرأة

          ░7▒ باب خادم المرأة
          هذا الحديث سلف في الخمس، وفي فضل علي ☺، ويأتي في الدعوات، وأخرجه (م) (ن) أيضاً، وهو ظاهر لما ترجم له، ولم يذكر فيه أنه استأذن، فإما أن يكون قبل نزول أنه سكت عنه؛ لعلم السامع.
          وفيه: أنه آثر نساء المؤمنات على ابنته؛ لعلو شأنها.
          قال ابن حبيب: إذا كان الزوج معسراً وكانت الزوجة ذات قدر وشرف، فإن عليها الخدمة الباطنة كالعجن والطبخ والكنس وما شاكله، وكذا قاله ابن الماجشون وأصبغ.
          قال ابن حبيب: وكذلك حكم ◙ على فاطمة بالخدمة الباطنة من خدمة البيت، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة.
          وقال بعض شيوخي: لا يعرف في شيء من الأخبار الثابتة أن رسول الله صلعم قضى على فاطمة بالخدمة الباطنة، وإنما كان نكاحهم على المتعارف بينهم من الإجمال وحسن العشرة، وأما أن تجبر المرأة على شيء من الخدمة فليس له أصل في السنة، بل الإجماع منعقد على أن على الزوج مؤنة الزوجة كلها.
          وذكر ابن عبد الحكم عن مالك أنه ليس على المرأة خدمة زوجها. قال الطبري: في هذا الحديث: الإبانة عن أن كل من كانت به طاقة من النساء على خدمة نفسها في خبز أو طحين أو غير ذلك مما تعانيه المرأة في بيتها ولا تحتاج فيه إلى الخروج أن ذلك موضوع عن زوجها إذا كان معروفاً لها أن مثلها تلي ذلك بنفسها، وأن زوجها غير مأخوذ بأن يكفيها ذلك كما هو مأخوذ في حال عجزها عنه، إما بمرض أو زمانة أو شبه ذلك، وذلك أن فاطمة لما شكت ما تلقى في يدها من الطحن والعجن إلى أبيها ◙، وسألته خادماً؛ لتعونها على ذلك، لم يأمر زوجها عليًّا بأن يكفيها ذلك، ولا ألزمه وضع مؤنة ذلك عنها إما بإخدامها أو باستئجار من يقوم بذلك، بل قد روي أنه قال: ((يا بنية، اصبري؛ فإن خير النساء التي نفعت أهلها)).
          قال المهلب: فيه أن المرأة الرفيعة القدر يجمل بها الامتهان الشاق من خدمة زوجها مثل: الطحن وشبهه؛ لأنه لا أرفع منزلة من بنت رسول الله صلعم، ولكنهم كانوا يؤثرون الآخرة ولا يترفهون عن خدمتهم؛ احتساباً لله؛ وتواضعاً في عبادته.
          وفيه: إيثار التقلل من الدنيا والزهد فيها؛ رغبة في ثواب الآخرة، ألا ترى إلى قوله: ((ألا أدلكما على خير مما سألتما))، فدلهما على التسبيح والتحميد والتكبير.
          قال والدي ⌂:
          قوله: (العفو الفضل) أي: الفاضل عن حاجته، قال في ((الكشاف)): هو نقيض الجهد وهو أن ينفق ما لا يبلغه إنفاقه منه الجهد واستفراغ الوسع، و(آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة وتخفيف التحتانية وبالمهملة، و(عدي) / بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية، و(عبد الله بن يزيد) من الزيادة، و(أبو مسعود) هو عقبة بسكون القاف.
          قوله: (عن النبي) أي: أترويه عن النبي صلعم، أو تقوله عن الاجتهاد، و(تحتسبها) أي: تعملها حسبة لله تعالى.
          قال النووي: احتسبها؛ أي: أراد بها الله تعالى وطريقه أن يتذكر أنه يجب عليه الإنفاق فينفق بنية أداء ما أمر به.
          و(أبو الزناد) بكسر الزاي وخفة النون، عبد الله، و(الأعرج) هو عبد الرحمن.
          قوله: (أنفق) هو بمعنى قول الله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ:39].
          قوله: (يحيى بن قزعة) بالقاف والزاي والمهملة المفتوحات، و(ثور) بلفظ الحيوان المشهور، و(أبو الغيث) بفتح المعجمة وإسكان التحتانية وبالمثلثة، سالم مولى ابن مطيع القرشي، و(الأرملة) التي لا زوج لها والأرامل المساكين، و(القائم الليل) مثل الحسن الوجه في الوجوه الإعرابية، وإن اختلفا في بعضها بكونه حقيقة أو مجازاً.
          قوله: (محمد بن كثير) ضد القليل، و(سفيان) هو الثوري، و(سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف، و(عامر) هو ابن سعد بن أبي وقاص، و(كثير) روي بالمثلثة وبالموحدة، وأما لفظ (الثلث) الأول فبالنصب على الإغراء أو تقدير أعط، والرفع على أنه فاعل يكفيك أو خبر مبتدأ محذوف أو بالعكس، و(أن تدع) أي: أن تذر وتترك وهو بفتح الهمزة، و(العالة) جمع العائل وهو الفقير، و(يتكففون الناس) أي: يمدون إلى الناس أكفهم للسؤال، وإذا قصد بأبعد الأشياء عن الطاعة وهو وضع اللقمة في فم الزوجة وجه الله، ويحصل به الأجر فغيره بالطريق الأولى.
          وفي الحديث معجزة فإنه انتعش وعاش حتى فتح العراق، وانتفع به أقوام في دينهم ودنياهم وتضرر به الكفار مر في الجنائز في باب رثاء النبي صلعم.
          قال ابن بطال: فإن قيل: كيف يكون إطعام الرجل أهله الطعام صدقة، وذلك فرض عليه؟.
          فالجواب: أن الله تعالى جعل من الصدقة فرضاً وتطوعاً، ولا شك أن الفرض أفضل من التطوع(1).
          قوله: (عمر بن حفص) بالمهملتين، و(الأعمش) هو سليمان، و(أبو صالح) هو ذكوان السمان، و(اليد العليا) هي المنفقة، و(السفلى) السائلة، ومباحثه تقدمت في الزكاة.
          قوله: (بمن تعول) أي: ابدأ في الإنفاق بعيالك ثم اصرف إلى غيرهم، و(الكيس) بكسر الكاف الوعاء، وهذا إنكار على السائلين عنه يعني: ليس هذا إلا من رسول الله صلعم، ففيه نفي يريد به الإثبات وإثبات يريد به النفي على سبيل التعكيس، ويحتمل أن يكون لفظ هذا إشارة إلى الكلام الأخير إدراجاً من أبي هريرة، وهو بقول المرأة إلى آخره فيكون إثباتاً لا إنكاراً.
          يعني: هذا المقدار من كيسه فهو حقيقة في النفي والإثبات، وفي بعضها بفتح الكاف يعني من عقل أبي هريرة وكياسته.
          قال التيمي: أشار (خ) إلى أن بعضه من كلام أبي هريرة وهو مدرج في الحديث، قال ابن بطال: فيه أن نفقته على الأهل محسوب في الصدقة، وإنما يبدأ بنفسه لأن حق نفسه عليه أعظم من حق غيره بعد الله ورسوله، ولا وجه لإحياء غيره بإتلاف نفسه.
          وفيه أن النفقة على الولد هو ما دام صغيراً؛ لقوله: إلى من تدعني، وكذلك كل من لا طاقة له على الكسب كالزمن ونحوه، واختلف في المعسر هل يفرق بينه وبين امرأته بعدم النفقة.
          فقال أبو حنيفة: لا؛ لقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة:280] ولقوله: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ} [النور:32] / فندب إلى إنكاح الفقير فلا يجوز أن يكون الفقر سبباً للفرقة.
          وقال الأئمة الثلاثة: هي مخيرة بين الصبر والفسخ لقولها: إما أن يطعمني وإما أن يطلقني(2)، ولقوله: {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا} [البقرة:231](3) وإذا لم ينفق عليها فهو مضر بها، وأما الآية الأولى فهي في المداينات والثانية فلم يرد الفقير الذي لا شيء معه للإجماع على أن مثله ليس مندوباً على النكاح.
          قوله: (سعيد بن عفير) مصغر العفر بالمهملة والفاء والراء، و(عبد الرحمن) ابن خالد بن مسافر ضد المحاضر بلفظ الفاعل المصري، ولفظ (ظهر) مقحم أو هو بمعنى الاستظهار.
          قوله: (محمد) هو ابن سلام، و(وكيع) بفتح الواو وكسر الكاف وبالمهملة، و(ابن عيينة) هو سفيان، و(معمر) بفتح الميمين وإسكان المهملة، ابن راشد، و(الثوري) هو سفيان، و(بنو النضير) بفتح النون وكسر المعجمة وبالراء.
          قال ابن بطال: فيه دليل على جواز إدخار القوت للأهل، وأنه لا يكون حكرة.
          وفيه رد على الصوفية في قولهم: ليس لأحد ادخار شيء من يومه لغده وإن فاعله أساء الظن بربه، ولم يتوكل عليه حق التوكل.
          قوله: (مالك بن أوس) بفتح الهمزة وسكون الواو وبالمهملة (ابن الحدثان) بفتح المهملتين وبالمثلثة والنون، و(محمد بن جبير) مصغر ضد الكسر، ابن مطعم بفاعل الإطعام يعني سمع بعض الحديث منه، ثم استكشف عن مالك فروى بتفصيله له، و(يرفا) بفتح التحتانية وإسكان الراء وفتح الفاء مهموزاً وغير مهموز، اسم حاجب عمر ☺، و(اتئدوا) أمر من الاتئاد وهو التأني وعدم التعجل، و(أنشدكم) بضم الشين؛ أي: أسألكم بالله ولم يعطه غيره؛ لأن الفيء كله أو جله على اختلاف فيه كان لرسول الله صلعم.
          و(ما احتازها) بالمهملة والزاي، ما جمعها لنفسه دونكم، و(ما استأثر) أي: ما استقل وما تفرد بها، يقال: استأثر فلان به إذا أخذه لنفسه، و(بثها) أي: فرقها، و(هذا المال) أي: فدك ونحوها، و(تزعمان) خبر لقوله: أنتما، وكذا؛ أي: لا نعطي ميراثنا من رسول الله صلعم، و(صادق) أي: في القول (بار) أي: في العمل (راشد) أي: في الاقتداء برسول الله صلعم، و(جميع) أي: مجتمع لم يكن بينكما منازعة، و(ابن أخيك) أي: رسول الله صلعم، و(امرأته) أي: فاطمة.
          الخطابي: هذه القصة مشكلة فإنهما أخذاها من عمر على الشريطة واعترفا بأنه صلعم قال: ((ما تركنا صدقة)) فما الذي بدا لهما بعد ذلك حتى تخاصما.
          والمعنى فيها: أنه [كان] يشق عليهما الشركة فطلبا أن يقسم بينهما ليستبد كل واحد منهما بالتدبير والتصرف فيما يصير إليه فمنعهما عمر القسم؛ لئلا يجري عليهما اسم الملك؛ لأن القسمة تقع في الأملاك وبتطاول الزمان تظن به الملكية مر في الجهاد في باب فرض الخمس.
          قوله: (محمد بن مقاتل) بكسر الفوقانية، و(هند بنت عتبة) بضم المهملة وإسكان الفوقانية وبالموحدة، امرأة أبي سفيان أم معاوية، و(مسيك) بفتح الميم وكسر المهملة الخفيفة وبكسرها وتشديد المهملة؛ أي: يمسك ماله لا يعطيه غيره يعني بخيل.
          قوله: (لا إلا بالمعروف) فإن قلت: ما معناه؟ قلت: يعني لا يطعم إلا بالمعروف، مر في كتاب المناقب.
          قوله: (يحيى) إما ابن موسى، وإما ابن جعفر، و(معمر) بفتح الميمين، و(همام) بفتح الهاء وشدة الميم. فإن قلت: كيف يكون لها نصف أجره بدون إذنه؟ قلت: ذلك في الطعام الذي يكون في البيت لأجل قوتهما جميعاً، أو المراد به غير أمره الصريح / بأن يكتفي في الإنفاق بالعادة أو بالقرائن في الإذن.
          قال ابن بطال: وجه هذا الحديث في هذا الباب وإن كان في صدقة التطوع أنه كما كان للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بغير أمره بما تعلم أنه يسمح بمثله وذلك غير واجب كان أخذها من ماله بما يجب عليه أولى.
          قوله: (أمثل) أي: أفضل، و(المولود له) هو الأب. قال في ((الكشاف)): فإن قلت: لم قيل المولود له دون الوالد؟ قلت: ليعلم أن الوالدات إنما ولدن لهم لأن الأولاد للآباء ولذلك ينسبون إليهم لا إلى الأمهات.
          قوله: (إلى غيرها) متعلق بمنعها؛ أي: منعها منهيًّا إلى إرضاع غيرها، أو بقوله تقول؛ أي: يقول ذلك المذكور إلى غير هذه الكلمات.
          (باب عمل المرأة).
          قوله: (الحكم) بالمفتوحتين (ابن عتيبة) مصغر عتبة الدار، و(ابن أبي ليلى) بفتح اللامين، عبد الرحمن، و(لم تصادفه) بالفاء؛ أي: لم تره حتى تلتمس منه خادماً، و(على مكانكما) أي: الزما مكانكما ولا تتحركا منه.
          قوله: (خير) فإن قلت: لا شك أن للتسبيح ونحوه ثواباً عظيماً، لكن كيف يكون خيراً بالنسبة إلى مطلوبها وهو الاستخدام؟ قلت: لعل الله تعالى يعطي للمسبح قوة يقدر على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم عليه، أو يسهل الأمور عليه بحيث يكون فعل ذلك بنفسه أسهل عليه من أمر الخادم بذلك، أو معناه أن يقع التسبيح في الآخرة ويقع به الخادم في الدنيا والآخرة خير وأبقى.
          قوله: (الحميدي) مصغر الحمد منسوباً عبد الله، و(عبيد الله) ابن أبي يزيد من الزيادة المكي. وقال سفيان أولاً على التعيين (التكبير أربع وثلاثون) وقال آخراً على الإبهام إحداهن أربع وثلاثون، وقال علي ☺: ما تركت هذه الأذكار بعد ذلك قط، فقيل له: ولا ليلة صفين(4) بكسر المهملة وكسر الفاء المشددة وسكون التحتانية وبالنون، وهو موضع بين العراق والشام فيه وقعت محاربة بين علي ☺ ومعاوية فقال: ولا تلك الليلة لم يمنعني منها عظم ذلك الأمر والشغل الذي كنت فيه عنها.
          الزركشي:
          حديث سعد سبق مرات.
          وقوله هنا: (حتى اللقمة) الوجه الرفع عطفًا على الصدقة أو مبتدأ و(يرفعها) الخبر.
          وحديث: ((أفضل الصدقة ما ترك غنىً)) جمع هذا وجوب النفقة بالنسب والسبب، وقد أشار (خ) إلى أن بعضه من كلام أبي هريرة وهو مدرج في الحديث.
          (قال أبو هريرة: هذا من كيس أبي هريرة) بكسر الكاف.
          و(مسيك) بكسر الميم وتشديد السين، كذا يقوله المحدثون، والمعروف في اللغة فتح الميم وتخفيف السين، قاله ابن الأثير.
          (المهنة) الخدمة بكسر الميم، وقد تفتح.
          (تكبرن الله أربعاً) نصب أربعا نصب المصادر؛ لأنه في الأصل مضاف إلى المصدر، كقولك: كبرت الله أربع تكبيرات، وهكذا كل ما جاء من الأعداد على هذا المعنى.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: ثلاث مسائل النافلة قرأ بها أكثر من الفرض ابتداء السلام وهو سنة وهو أفضل من جوابه وهو فرض لأنه ◙ قال: ((خيركما من بدأ بالسلام)) والتصدق بكل الشاة المص[ر]اة وهو سنة أفضل من تصدق بعضها وهو فرض والتصديق بالدين على المعسر وهو سنة أفضل من الإنظار وهو فرض)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: هذا قول المرأة إما أن يمسكني وإما أن يطلقني لا حكمه من الشارع)).
[3] في هامش المخطوط: ((والآية {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا} في باب النفقة بل هو عام لدفع الصداق وغيره)).
[4] في هامش المخطوط: ((أقول قوله ليلة صفين وقعة كانت سبعين ليلة فأي لياليها يريد بقوله: ولا ليلة صفين؟ قلت: المراد بها ليلة الهرير وهي أعظم ليالي تلك الوقعة أو المراد جنس من الليلة جنس الليل أي بمعنى ليالي صفين فكأنها لمشيئتها كانت ليلة واحدة.
فإن قلت: قال إذا أويتما إلى فراشكما وليالي صفين لم يكن فراش بل ولا نوم ولا سكون ولا قرار قلت مرادها حين السكون عن القتال بالليل)).