الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة وينطلق لطلب البينة

          ░21▒ (بابٌ إِذَا ادَّعَى) بالبناء للفاعل؛ أي: شخصٌ على آخرَ شيئاً من مالٍ أو غيرِه (أَوْ قَذَفَ) أي: الرجلُ غيرَه أو امرأتَه (فَلَهُ) أي: فللمدَّعي أو القاذفِ (أَنْ يَلْتَمِسَ) بفتح التحتية أوله؛ أي: يطلُبَ (الْبَيِّنَةَ وَيَنْطَلِقَ) بنصبه عطفاً على ((يلتمسَ)) لبيان معنى الالتِماسِ هنا.
          (لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ) أي: للتفتيشِ عليها لتشهَدَ له، فيمهَلُ ثلاثةَ أيامٍ، وهل هذا الإمهالُ واجبٌ أو مُستحبٌّ؟ الأوجَهُ الأولُ كما في ((التحفة)) وانظُرْ حكمةَ إتيانِ المصنِّفِ بالظاهر مع أنَّ المقامَ للإضمار.
          قال الرُّويانيُّ: وإن أمهَلْناه ثلاثة أيامٍ، فأحضرَ شاهداً بعدها، وطلبَ الإنظارَ ليأتيَ بالشاهد الثَّاني، أمهَلْناه ثلاثةً أخرى، لكنْ ضعَّفه البيهقيُّ.
          قال الكرمانيُّ: يحتملُ قولُه: ((وينطلِقَ)) أن يكونَ الغرضُ منه بيانُ أنَّ له حقَّ المهلةِ، فهو قيدٌ للسابقِ، وأن يكون من باب اللفِّ والنشرِ، وخُصِّصَ هذا بالقسمِ الثاني؛ أي: القذفِ، مُوافقةً للفظِ الحديث.
          فإن قلتَ: ليس في الحديثِ إلا هذا، فمِنْ أينَ عُلمَ حُكمُ الادِّعاء؟ قلتُ: بالقياس عليه، انتهى.
          وأرادَ بقولِه: مُوافقةً للفظِ الحديثِ، هو قولُه: ((فقال يا رسول الله؛ إذا رأى أحدُنا على امرأته رجلاً، ينطلِقُ يلتمِسُ البيِّنةَ؟)).