الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب لبس السلاح للمحرم

          ░17▒ (باب: لُبْسِ السِّلاَحِ) أي: جواز لُبْسه (لِلْمُحْرِمِ) أي: إذا احتاجَ إليه على ما في أثرِ عكرمةَ، وقيَّده بذلك الشُّراح، لكن ظاهر كلام فُقهائنا أنَّه لا يشترطُ.
          قال في ((التحفة)): فيحلُّ الارتداء والالتحافُ بالقميصِ، ولبسُ الخاتم، وتقلُّد السَّيف وشد الهميان والمنطقةُ في وسطه، انتهى.
          (وَقَالَ عِكْرِمَةُ) أي: مولى ابن عبَّاس مما لم يقفْ صاحب ((الفتح)) على وصلهِ (إِذَا خَشِيَ) بكسر الشين المعجمة؛ أي: خافَ المحرم (الْعَدُوَّ) أي: المعادي (لَبِسَ) بكسر الموحدة، جواب ((إذا)) (السِّلاَحَ) أي: آلةَ الحربِ كالدِّرع، وفيه إطلاقُ السِّلاح على نحو الدِّرع.
          (وَافْتَدَى) أي: بذبح شاةٍ، وقوله: (وَلَمْ يُتَابَعْ) بالبناء للمجهول (عَلَيْهِ) أي: لم يتابعْ عكرمة أحدٌ على ما قاله (فِي الْفِدْيَةِ) أي: في وجوبها من كلامِ البخاريِّ اعتراضاً على عكرمةَ، وهو يفيدُ أنَّه توبعَ على جوازِ لبس السِّلاح عند الخشيةِ، لكن نقل الكرمانيُّ عن النَّووي أنَّه قال: لعلَّ أراد عكرمة إذا كان محرماً فلا يكونُ مخالفاً للجماعةِ، انتهى.
          فإن حُمِل كلام البخاريِّ على أنَّ عكرمةَ أوجبَ الفديةَ على من لبِسَ السِّلاح وإن لم يكن محرماً لا يظهرُ حتى يحملَ على ما ذكره، فتدبَّره.
          قال في ((الفتح)): ونقلَ ابنُ المنذر عن الحسن أنَّه كرهَ أن يتقلَّد المحرمُ السَّيف، وتقدَّم في العيدين أنَّ ابن عمر قال للحجَّاج: أنت أمرتَ بحمل السِّلاحِ في الحرمِ، وأدخلتَ السِّلاحَ في الحرم ولم يكن السِّلاحُ يدخلُ فيه؛ أي: وقد كانوا محرِمين.