إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن فاطمة مني وأنا أتخوف أن تفتن في دينها

          3110- وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ) أبو عبد الله(1) (الجَرْمِيُّ) بفتح الجيم وسكون الرَّاء، الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بن سعد(2) بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ القرشيُّ الزُّهريُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) إبراهيمُ: (أَنَّ الوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ) بالمُثلَّثة، المخزوميَّ(3) (حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ) بفتح العين وسكون الميم، و«حَلْحَلة» بفتح الحائين المُهمَلتين وسكون اللَّام الأولى (الدُّؤَلِيِّ) بدالٍ مُهمَلةٍ مضمومةٍ فهمزةٍ مفتوحةٍ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ ”الدِّيْليِّ“ بكسر الدَّال وسكون التَّحتيَّة من غير همزٍ، وصوَّبه عياضٌ (حَدَّثَهُ: أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريَّ (حَدَّثَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ) هو زين العابدين (حَدَّثَهُ: أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ) النَّبويَّة (مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَقْتَلَ) أبيه (حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ _رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ_) في عاشوراء سنة إحدى وستِّين (لَقِيَهُ المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ) بكسر الميم وسكون السِّين المُهمَلة، و«مَخْرمة»: بفتحها وسكون الخاء المُعجَمة، ولهما صحبةٌ (فَقَالَ لَهُ) أي: قال المِسْوَر لزين العابدين: (هَلْ لَكَ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟) قال زين العابدين: (فَقُلْتُ لَهُ: لَا. فَقَالَ لَهُ(4)) المِسْوَر: (فَهَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ) بضمِّ الميم وسكون العين وكسر الطَّاء المُهمَلتين(5) وتشديد التَّحتيَّة، أي: هل أنت معطيَّ (سَيْفَ رَسُولِ اللهِ صلعم ) إيايَّ؟ ولعلَّ(6) هذا السَّيف ذو الفَقَار، وفي «مرآة الزَّمان»: أنَّه ╕ وهبه لعليٍّ قبل موته، ثمَّ انتقل إلى آله‼، وأراد المِسْور بذلك صيانة سيف / رسول الله(7) صلعم ؛ لئلَّا يأخذه من لا يعرف قدره، كما قال: (فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ القَوْمُ عَلَيْهِ) أي: يأخذونه منك بالقوَّة والاستيلاء (وَايْمُ اللهِ؛ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَا يُخْلَصُ) بضمِّ حرف المضارعة وفتح اللَّام مبنيًّا للمفعول، أي: لا يصل السَّيف (إِلَيْهِمْ) ولابن عساكر: ”إليه“ أي: لا يصل إلى السَّيف أحدٌ (أَبَدًا حَتَّى تُبْلَغَ نَفْسِي) بضمِّ الفوقيَّة وفتح اللَّام، أي: تُقبَض روحي (إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ) جويريةَ تصغير «جاريةٍ» أو جَميلة بفتح الجيم(8) (عَلَى فَاطِمَةَ _ ♀ _ فَسَمِعْتُ) بسكون العين (رَسُولَ اللهِ صلعم يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والكُشْميهَنيِّ: ”المُحْتَلِمُ“ (فَقَالَ) ╕ : (إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي) أي: بضعةٌ منِّي (وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا). بسبب الغيرة، وقوله: «تُفتَن» بضمِّ أوَّله وفتح ثالثه (ثُمَّ ذَكَرَ) ╕ (صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ) وأراد به(9) أبا(10) العاص بن الرَّبيع بن عبد العزَّى بن عبد شمسٍ، وكان زوج ابنته زينب قبل البعثة (فَأَثْنَى عَلَيْهِ) خيرًا (فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي) _بتخفيف الدَّال_ في حديثه (وَوَعَدَنِي) أي: أن يرسل إليَّ زينب (فَوَفَى لِي) بما وعدني، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”فوفاني“ بالنُّون بدل اللَّام (وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ _وَاللهِ_ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلعم وَبِنْتُ عَدُوِّ اللهِ أَبَدًا). فيه إشارةٌ إلى إباحة نكاح بنت أبي جهل لعليٍّ ☺ ، ولكن نهى عن الجمع بينها وبين ابنته فاطمة ♦ لأنَّ ذلك يؤذيها، وأذاها يؤذيه صلعم ، وخوف الفتنة عليها بسبب الغيرة، فيكون من جملة مُحرَّمات النِّكاح الجمعُ بين بنت نبيِّ الله ╕ وبنت عدوِّ الله.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «الفضائل»، ويأتي إن شاء الله تعالى في «النِّكاح» [خ¦5230].


[1] في (م): «عبد الوهَّاب».
[2] في (م): «سعيد» وهو تحريفٌ.
[3] في (د): «الجرميَّ» وهو تحريفٌ.
[4] «له»: سقط من (س).
[5] في (م): «المُهمَلة».
[6] في (ص): «ولعلَّه».
[7] في (د) و(م): «النَّبيِّ».
[8] في (ص): «الميم».
[9] «به»: ليس في (د).
[10] «أبا»: سقط من (س).