إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: سألني يهودي من أهل الحيرة أي الأجلين قضى موسى؟

          2684- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبوي ذَرٍّ والوقت: ”حدَّثني“ بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ) أبو يحيى صاعقة قال: (أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ) بكسر العين، سعدويه البغداديُّ قال: (حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ) مولى مروان بن محمَّد بن الحكم القرشيُّ الأمويُّ الجزريُّ (عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ) ابن عجلان (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ) الأسديِّ مولاهم الكوفيِّ أنَّه (قَالَ: سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ مِنْ أَهْلِ الحِيرَةِ) بكسر الحاء المهملة، بلدٌ معروف بالعراق. قال الحافظ ابن حجر: ولم أقف على اسم اليهوديِّ (أَيَّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟) أطولَهما أو أقصرَهما؟ لمَّا قال‼ له صهره: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي} أي: أن تأجر نفسك منِّي {ثَمَانِيَ حِجَجٍ} أي: سنين {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ}[القصص:27] أي: فإتمامه من عندك تفضُّلًا لا من عندي إلزامًا عليك، فتحصل البراءة من العُهدة بفعل الأقلِّ، ولذا قال: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ}[القصص:28] أي: فلا حرج عليَّ قال سعيد بن جبير: (قُلْتُ) لليهوديِّ: (لَا أَدْرِي حَتَّى أَقْدَمَ) أي: مكَّة (عَلَى حَبْرِ العَرَبِ) بفتح الحاء المهملة وسكون الموحَّدة، ابن عبَّاس، وعند أبي نُعيم من حديث ابن عبَّاس مرفوعًا: أنَّ جبريل سمَّاه بذلك (فَأَسْأَلَهُ) عن ذلك (فَقَدِمْتُ) مكَّة (فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ) ☻ (فَقَالَ: قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا) في نفس شُعَيب (إِنَّ رَسُولَ اللهِ) موسى ( صلعم ) أو من اتَّصف بالرِّسالة ولم يُرِد نبيًّا بعينه (إِذَا قَالَ فَعَلَ) لأنَّ محاسن أخلاق النُّبوة(1) مقتضية لذلك، وهذا رواه سعيد موقوفًا، وهو في حكم المرفوع(2)، لأنَّ ابن عبَّاس كان لا يعتمد على(3) أهل الكتاب، وقد صرَّح برفعه عكرمة عن ابن عبَّاس، كما عند ابن جرير عنه أنَّ رسول الله صلعم قال: «سألت جبريل: أيَّ / الأجلين قضى موسى؟» قال: أتمَّهما وأكملهما. وعند ابن أبي حاتم من مرسل يوسف بن سَرْج(4): أنَّ رسول الله صلعم سئل: أيَّ الأجلين قضى موسى؟ قال: «لا علم لي، فسأل رسول الله صلعم جبريل، فقال: لا علم لي، فسأل جبريل مَلكًا فوقه، فقال: لا علم لي، فسأل ذلك الملَك ربَّه، فقال الرَّبُّ ╡: أبرَّهما وأبقاهما، أو قال: أرجاهما». وزاد الإسماعيليُّ من الطَّريق الَّتي أخرجها البخاري: قال سعيد: فلقيني اليهوديُّ، فأعلمته ذلك، فقال: صاحبك، والله عالم.


[1] في (ب) و(س): «الأخلاق النبويَّة».
[2] في (ب) و(س): «الحكم مرفوع».
[3] زيد في (د): «دِين».
[4] في (د): «بن سرح» وفي غيرها: «بن مرح» والتصحيح من مصادر الرواية وكتب الرجال.