إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الشهداء العدول

          ░5▒ (بابُ) بيان (الشُّهَدَاءِ العُدُولِ) جمع عَدْل، وهو مسلمٌ، فلا تقبل شهادة كافر ولو على مثله، لقوله تعالى: {شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ}[البقرة:282] والكافر ليس من رجالنا، بالغٌ عاقلٌ، فلا تُقبَل شهادة صبيٍّ ومجنون حرٌّ، فلا تقبل شهادة من فيه رِقٌّ لنقصه، غيرُ فاسق لقوله تعالى: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات:6] نعم، إن كان فسقه بتأويل، كذي بدعة، قُبِلَت شهادته، بصيرٌ، فلا تُقبَل مِن أعمى، لانسداد طريق المعرفة عليه مع اشتباه الأصوات إلَّا في مواضع، غيرُ مُغفَّل إذ المغفَّل لا يَضبط، ولا يُوثَق بقوله. نعم، لا يَقدح الغلطُ اليسير، لأنَّ أحدًا لا يَسْلَم منه، ذو مروءة: وهو المتخلِّق بخُلُق أمثاله في زمانه ومكانه، فالأكل والشُّرب في السُّوق لغير سوقيٍّ، والمشيُ فيه مكشوف الرَّأس، وقبلته زوجته أو أمَته بحضرة النَّاس، وإكثارُ حكايات مضحكة بينهم مُسْقِطٌ لإشعاره بالخِسَّة.
          (وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى) بالجرِّ عطفًا على السَّابق: ({وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ}[الطلاق:2]) فالعدالة في الشَّاهد شرطٌ (وَ) قوله تعالى: ({مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء}[البقرة:282]) فإذا لم يرضَ بهم لمانع عن الشَّهادة لا تُقْبَل شهادتهم كشهادة أصلٍ لِفَرْعٍ أو هو لأصله.