التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة

          3424- قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّمَ (الْأَعْرَج): أنَّه عبدُ الرَّحْمَن بن هُرْمُز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبدُ الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
          قوله: (لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً): سيجيء في هذا المكان: (عن شُعَيْب وابن أَبِي الزِّنَادِ: تِسْعِينَ)، قال: (وَهُوَ أَصَحُّ)، انتهى، والروايات في هذا الحديث: (ستُّون امرأة) [خ¦7469]، و(سبعون)، و(تسعون) [خ¦6639]، و(تسع وتسعون)، و(مئة) [خ¦5242]، وليس بمتعارِض؛ إذ ليس في رواية القليل ما ينافي الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، وهو غير معمول به عند الجماهير، قال شيخنا الشارح عن الحافظ أبي موسى المَدينيِّ: (وفي بعض نسخ «مسلم» عقيب هذه / الأحاديثِ _يعني: طرق حديث سليمان_ قال مسلمٌ: ليس هذا الاختلاف من قوله ◙، ولكن من الناقلين على [قدر] ما كان علمهم يحيط به)، انتهى.
          وقد تَقَدَّمَ [خ¦2819] أنَّ بعض الفضلاء قال لي: إنَّه جاء في «مسند أحمد»: (ألف امرأة) كذا قال، ولم أرَ أنا هذا، ولم أسمع «المسند» كلَّه، وقد رأيت شيخنا نقل عن ابن التين: (أنَّه كان له ألفٌ)، قال شيخنا: (وقد جاء ذلك في بعض الروايات)، انتهى.
          وقد رأيت ورويت في «الشفا» للقاضي عياض عن ابن عَبَّاس قال: (كان في ظهر سليمان ماءُ مئةِ رَجُلٍ، وكان له ثلاثُ مئةِ امرأةٍ، وثلاث مئة سريَّة)، قال: (وحكى النَّقَّاش: سبع مئة امرأة، وثلاث مئة سريَّة)، انتهى، ورأيت في «مستدرك الحاكم» في ترجمة عيسى ابن مريم: (أنَّ سليمان كان له تسع مئة سريَّة)، وتعقَّبه الذَّهَبيُّ بأنَّ في السَّنَد عبدَ المُنعِم، وهو ساقطٌ، وقد تَقَدَّمَ [خ¦2819].
          تنبيهٌ: قال الشيخ عزُّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ في «قواعده»: (إنَّ الله تعالى حرَّم في النِّكاح الزيادةَ على امرأةٍ واحدةٍ في شريعة عيسى صلعم؛ نظرًا للنساء؛ لئلَّا يتضرَّرن بكثرة الضرائر والإماء، وأجازه من غير حصر في شريعة موسى صلعم لمن يقدر على القيام بالوطء ومُؤَن النِّكاح)، انتهى.
          قوله: (فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه [خ¦2819]، وأنَّه المَلَك، وهو الظَّاهر، كما قاله النَّوويُّ؛ لأنَّه في بعض طرقه: (فقال له المَلَك) [خ¦5242]، وقد صوَّبه [شيخنا] لِمَا في هذا «الصحيح» في (النكاح) [خ¦5242]، وقيل: القرين، وقيل: صاحبٌ له آدميٌّ، وأَبْعَدَ مَن قال: خاطِرُه.
          قوله: (فَلَمْ تَحْمِلْ إِلَّا وَاحِدًا سَاقِطًا إِحْدَى شِقَّيْهِ): هذه المرأة التي حملت هذا: قيل: إنَّها بنت المَلِك التي كانت سببًا لذهاب خاتمه ومُلْكِه، والسَّاقط إحدى شِقِّيه: قيل: هو الجسد الذي أُلقِيَ على كرسيِّه، انتهى، وقد تَقَدَّمَ بعض هذا [خ¦2819].
          قوله: (سَاقِطًا إِحْدَى شِقَّيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّه الجسد المشار إليه في قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}(1) [خ¦2819].
          قوله: (قَالَ شُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: «تِسْعِينَ»، وَهُوَ أَصَحُّ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، فهو صحيحٌ إلى شعيبٍ _وهو ابن أبي حمزة_ وابنِ أبي الزناد، واسمه عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، أمَّا تعليقُ شعيبٍ؛ فقد أخرجه البُخاريُّ في (الأيمان والنذور) عن أبي اليمان، عنه، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة [خ¦6639]، وأخرجه النَّسائيُّ عن عِمران بن بكَّار، عن عليِّ بن عَيَّاش، عن شُعَيبٍ به، وأمَّا تعليقُ ابنِ أبي الزناد عبدِ الرَّحْمَن؛ فقد ذكره هنا فقط، ولم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّج البُخاريُّ لعبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّناد في الأصول، إنَّما عَلَّقَ له هنا عن أبيه، وفي حديث: (أمر النَّبيُّ صلعم بالصدقة، فمنع ابنُ جَميل) في (الزكاة) عقيب حديث شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فقال: (تابعه ابنُ أبي الزِّناد) [خ¦1468]، وفي (الاستسقاء) فقال: (وقال ابن أبي الزِّناد: هذا كلُّه في الصبح) [خ¦1006]؛ فاعلمه، وقد قَدَّمْتُ ترجمة عبد الرَّحْمَن هذا [خ¦1172].


[1] ({عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}): ليس في (ب).