التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب وفاة النبي

          ░19▒ (بَابُ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلعم)
          3536- ذكر فيه مِن حديث الزُّهريِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ♦ أَنَّه ◙ (تُوُفِّيَ وَهْوَ ابن ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وقَالَ ابن شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدٌ بْنُ المسيِّب بمِثْلِهُ).
          الشرح: هذا الحديث ذكره البخاريُّ أيضًا في أواخر الغزوات [خ¦4466] وترجم عليه هذه الترجمة أيضًا، وهذا هو الأصحُّ في سِنِّهِ عليه أفضل الصَّلاة والسلام، ورُويَ أيضًا عن ابن عبَّاسٍ ومُعَاوِيَةَ ♥.
          قال البَيْهَقيُّ: وهو قول سعيد بن المسيِّبِ والشَّعْبيِّ وأبي جعفرٍ مُحَمَّد بن عليٍّ وإحدى الروايتين عن أنسٍ، وفيه قولٌ ثانٍ: على رأس الستِّين رواه أنسٌ وصحَّحَهُ في «الإكليل»، وأسنده ابنُ سعدٍ مِن طريقين عنه، وقاله أيضًا عُرْوَةُ ويحيى بن جَعْدةَ والنَّخَعيُّ، وثالث: ابن خمسٍ وستِّينَ، رواه مسلمٌ مِن حديث عمَّارِ بن أبي عمَّارٍ عن ابن عبَّاسٍ وصحَّحَهُ أبو حاتم الرازِيِّ في «تاريخه»، وأمَّا البخاريُّ فذكره في «تاريخه الصغير» عن عمَّارٍ ثمَّ قال: ولا يُتابع عليه، وكان شُعْبَةُ يتكلَّمُ في عمَّارٍ.
          قلت: وذكرَه ابنُ أبي خَيْثَمَةَ أيضًا مِن حديث عليِّ بن زيدٍ عن يُوسفَ بن مِهْرَانَ عن ابن عبَّاسٍ، ورواه ابن سعدٍ عن سعيدِ بن سُليمانَ عن هُشَيمٍ أخبرنا عليٌّ فذكره، وذكره البَيْهَقيُّ مِن حديث عمَّارٍ عن ابن عبَّاسٍ فيما يحسب، وأخرجه أيضًا _أعني البَيْهَقيَّ_ عن دَغْفَلِ بن حَنْظَلَةَ، وفي «تاريخ ابن عَسَاكرَ»: ثنتان وسِتُّونَ سنةً ونصفٍ، وفي «كتاب عمر بن شَبَّةَ»: إحدى أو اثنتان لا أُراه بلغ ثلاثًا وستِّينَ سنةً.
          فائدة: عند البزَّار مِن حديث ابن مسعودٍ ☺: تُوفِّيَ في إحدى وعشرين مِن رمضانَ، وكذلك عيسى، ويُوشَعُ، وأُعِلَّ.
          أخرى: لَمَّا ذكر أبو جعفر الطَّبريُّ قولَ الكلبيِّ وأبي مِخْنَفٍ: أنَّه ◙ تُوفِّيَ في ثاني ربيع الأوَّل، قال: هذا القول وإن كان خلاف الجمهور فإنَّه لا يبعدُ إن كانت الثلاثة أشهرٍ التي قبلها كلُّها كانت تسعًا وعشرين يومًا. قلت: وهو قول أنسِ بن مالكٍ ومُحَمَّدِ بن عمرَ الأَسْلَميِّ والمعْتَمِرِ بن سُليمان عن أبيه، وأبي مَعْشَرٍ عن مُحَمَّد بن قيسٍ، قالوا ذلك أيضًا، حكاه البَيْهَقيُّ والقاضي أبو بكرِ بن كاملٍ في «البرهان». قال السُّهَيْلِيُّ في «روضه»: اتَّفَقُوا على أنَّه تُوفِّيَ يوم الإثنين، وقالوا كلُّهم في ربيعٍ الأوَّل، غيرَ أنَّهم قالوا أو أكثرهم: في الثاني عشر منه، أو الثالث عشر، أو الرابع عشر، أو الخامس عشر، قال: ولا يصحُّ أن تكون وفاته يوم الاثنين لا في الثاني عشر مِن الشهر، أو الثالث عشر، أو الرابع عشر، أو الخامس عشر لإجماع المسلمين على أن وقفةَ عَرَفةَ في حَجَّة الوداع كانت يوم الجمعة تاسع ذي الحِجَّة، فدخل ذو الحِجَّة يوم الخميس فكان المحرَّم إمَّا الجمعة وإمَّا السَّبت، فإن كان الجمعة فقد كان صَفَر إمَّا السبت وإمَّا الأحد، فإن كان السبت فقد كان ربيعٌ إمَّا الأحد أو الإثنين، وكيفما دارت الحال على هذا الحساب فلم يكن الثاني عشر مِن ربيع الأوَّل يوم الإثنين بوجهٍ. وعن الخُوَارزميِّ: تُوفِّيَ ◙ في أوَّلِ يومٍ مِن ربيع الأوَّل. قال: وهذا أقربُ إلى القياس.
          وعن المعْتَمِر بن سُلَيمانَ عن أبيه: أنَّه ◙ مرض يوم السبت لاثنين وعشرين ليلةً مِن صَفَر بداية وجعه عند وليدته رَيْحَانةَ، وتُوفِّيَ في اليوم العاشر، وعند أبي مَعْشَرٍ عن مُحَمَّد بن قيسٍ: اشتكى ◙ يوم الأربعاء لإحدى عشرة بقيت مِن صَفَر في بيت زينبَ بنتِ جَحْشٍ فمكث ثلاثة عشر يومًا، وعند الواقديِّ عن أمِّ سَلَمَةَ أمِّ المؤمنين أنَّه بُدِئ به وجعُه في بيت ميمونَةَ أمِّ المؤمنين، وقال ابن دِحْيةَ: قال أهل الصحيح بإجماعٍ: أنَّه تُوفِّيَ يوم الإثنين، وقال أهل السِّير: مثل الوقت الذي دخل فيه المدينة، وذلك حين ارتفع الضَّحَاءُ، وفي البَيْهَقيِّ عن أنسٍ أنَّ الصِّدِّيق صلَّى بالنَّاس العِشَاء الآخرة ليلةَ الجمعة، ثمَّ يومها، ثمَّ السبت، ثمَّ الأحد، ثمَّ صُبح الاثنين، وتُوفِّيَ ◙ ذلك اليوم، وعند الواقديِّ: كانت مُدَّةُ مرضه اثني عشر يومًا، وقيل أربعة عشر.