التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: نزل القرآن بلسان قريش

          ░3▒ (بَابُ نَزَلَ القُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ)
          3506- ذكر فيه حديثَ أَنَسٍ: (أَنَّ عُثْمَانَ دَعَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْر، وَسَعِيدَ بْنَ العَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي المَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيءٍ مِنَ القُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا ذَلِكَ).
          هذا الحديث يأتي في فضائل القرآن في موضعين كما ستعلمه [خ¦4984] [خ¦4987]، قال الدَّاوديُّ: يعني ما اختلفوا فيه مِن الهِجَاء ليس الإعراب، وخالف أبو الحسن فقال: أراد الإعراب، ولا يبعد إرادتهما، أَلَا ترى أنَّ لغةَ أهل الحجاز {مَا هَذَا بَشَرًا} [يوسف:31] ولغةَ تميمٍ: (بشرٌ)، وكان حَفِظَ القرآنَ على عهد رسول الله صلعم زيدٌ وأبو دُجَانَةَ الأنصاريُّ وأُبَيُّ بن كعبٍ ومعاذٌ. قال الدَّاوديُّ: فأرسل عُثْمَانُ إلى النَّفرِ المُسمَّين وأخذ مِن حَفْصَةَ المصحفَ على أن يعيدَه إليها، وأمرهم أن يكتبوه على ما ذكر، والذي في البخاريِّ أنَّ الرَّهْطَ الثلاثة قرشيُّون بخلاف ما سلف عن الدَّاوديِّ.
          وقوله: / (فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ) لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم:4]، وقيل: إنَّ زيدًا وهؤلاء النَّفرَ الثلاثة: سعيدَ بن العاص، وعبدَ الله بن الزُّبَيْر، وعبدَ الرَّحْمنِ اختلفوا يومئذٍ في التابوت؛ فقال زيدٌ: التَّابُوهُ، وقال سعيدٌ وعبدُ الله: التَّابُوتُ، فترافعوا إلى عُثْمَان فقال: اكتبوه بلسان قُرَيْشٍ، وهذا كما ذكر الدَّاوديُّ أنَّه أراد الاختلاف في الهِجَاء ولا يبعد أن يريدهما جميعًا كما سلف. قال الدَّاوديُّ: وكان لقُرَيْش موالٍ مِن جِلَّة العلماء، منهم: سُليمانُ بن يَسَارٍ مولى ميمونَةَ، قال الحسن بن مُحَمَّد بن الحنفيَّةِ: سُلَيمانُ عندنا أفهمُ مِن ابن المسيِّب، ومنهم أسلمُ وابنَاه، ونافعُ وعبدُ الله بن دينارٍ بنو المنكَدِر، ورَبِيْعَة وأبو الزِّنَادِ وآل الماجِشُون في فريقٍ مِن العلماء، وأمَّا الإمارةُ فهي في قُرَيْش خاصَّةً دونَ مواليها.