التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع

          ░6▒ (بَابُ ذِكْرِ أَسْلَمَ، وَغِفَارَ، وَمُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ، وَأَشْجَعَ)
          ذكر فيه ستَّةَ أحاديثَ:
          3512- أحدها: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ☺: (قٌرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ...) إلى آخره. سلف في مناقب قُرَيْش قريبًا [خ¦3504].
          3513- الحديث الثاني: حديث نافعٍ عن عبدِ الله ☺: ((غِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ)) وأخرجه مسلمٌ أيضًا.
          3514- الثالث: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ أيضًا بمثله، ولم يذكر عُصَيَّة، وأخرجه مسلمٌ أيضًا، وشيخ البخاريِّ في الأوَّل: (مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ) وهو بضمِّ الغين المعجمة، وهو مُحَمَّد بن غُرَير بن الوليد بن إبراهيمَ بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ، سكن صُغْدِ سَمَرْقَنْدَ.
          وشيخُه في الثاني مُحَمَّد، قيل: هو ابن سَلَامٍ. وقيل: هو ابن يحيى.
          3515- الرابع: حديث أبي بَكْرةَ ☺ قال: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيم وَمن بَنِي أَسَدٍ، وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ غَطَفَانَ وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ؟. فَقَالَ رَجُلٌ: خَابُوا وَخَسِرُوا، فَقَالَ: هُمْ خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيم وَمِنْ بَنِي أَسَدٍ، وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ غَطَفَانَ، وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بِنْ صَعْصَعَةَ).
          3516- الخامس: حديث مُحَمَّدِ بن أبي يَعْقُوبَ، وهو مُحَمَّدُ بن عبدِ اللهِ بن أبي يَعْقُوبَ الضَّبِّيُّ البَصْريُّ، / قَالَ: ((سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسِ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلعم: إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ _وَأَحْسِبُهُ: وَجُهَيْنَةَ ابنُ أَبِي يَعْقُوبَ شَكَّ_ قَالَ ◙: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ _وَأَحْسِبُهُ: وَجُهَيْنَةُ_ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيم وَبَنِي عَامِرِ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ، خَابُوا وَخَسِرُوا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَأَخيَرُ مِنْهُمْ)). ويأتي في النُّذُور [خ¦6635]، ومسلمٌ في الفَضَائل، والتِّرْمذيُّ في المناقب، وقال: حسنٌ صحيحٌ.
          3523- السادس: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ موقوفًا: (أَسْلَمُ وَغِفَار...) الحديث. وقد سلف بالكلام على ذلك [خ¦3504]، وهذا الموقوف أخرجه مسلمٌ مِن حديث إسماعيلَ بن عُلَيَّةَ عن أيُّوبَ عن مُحَمَّدٍ عن أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا.
          ودعاؤه لأَسلَمَ وغِفَارَ قيل: لأنَّ دخولهما في الإسلام كان سِلْمًا مِن غير حربٍ، وكانت غِفَار تُزَنُّ بسرقة الحاجِّ، فأحبَّ ◙ أن يمحُوا عنهم تلك السُّبَّة، وأن يُعلِمَ أنَّ ما قد سلف مغفورٌ لهم، وأمَّا عُصَيَّةُ فهم الذين قتلوا القُرَّاء ببئر مَعُونَةَ، وقيل: إنَّما ذكر أسلمَ وغِفَار ومَن ذكر معهم لسابقتهم في الإسلام وما كان فيهم مِن رِقَّةِ القلوب ومكارمِ الأخلاق، والقوم الذين فُضِّلوا عليهم لم يكونوا كذلك لأنَّهم كانوا أهلًا له، وقد أُريدَ بهذا أكثر القوم، وكان أسدُ خُزَيْمَةَ حلفاءَ بني أُمَيَّةَ وشهد منهم بدرًا سبعةَ عشرَ رجلًا، وقُتِل عبد الله بن جَحْشٍ يوم أُحُدٍ وهو ابنُ أُمَيمةَ عمَّةِ رسول الله صلعم، وأختُهُ زينبُ بنت جَحْشٍ التي زوَّجها اللهُ رسولَه بعد زيدٍ.
          فَصْلٌ: تميمٌ هو ابنُ أُدِّ بن طَابِخَةَ بن إلياسَ بن مُضَرَ، مُشتَقٌّ _كما قال ابن دُرَيدٍ_ مِن الشِّدَّةِ والصَّلابةِ، وقال الْمُفَجَّع في «منقذه»: يَرْبُوعُ وتميمُ بطنانِ في عُذْرة، قال النَّابِغَةُ ليزيدَ بن الصَّعِقِ:
جَمِّعْ مِحَاشَكَ يا يَزِيدُ فإنَّنِي                     أَعْدَدْتُ يَرْبُوعًا لَكُمْ وَتَمِيْمًا
          قال الشيخُ أبو بكرٍ عاصمُ في «شرحِ الأشعار السِّتَّةِ»: لم يُرِد النَّابغةُ تميمَ بن مُرٍّ وإنما أراد تميمةَ بن ضَبَّةَ بن عُذْرةَ بن سعدٍ فرخَّم في غير النداء، وكذا قال الجاحظ في «حيوانه»: يريد تميمةَ فحذف الهاء، وعند الكلبيِّ تميم بن ضَبَّةَ بغير هاءٍ في تميمٍ، وكذا ذكره البَلَاذُرِيُّ ومَن تبعَهُ.